بعد تكاثر عمليات الخطف في منطقة البقاع بشكل عام، وآخرها كان خطف المواطن سعد ريشا في منطقة شتورة وبوضح النهار وامام المواطنين، إنشغل المسؤولون الامنيون والسياسيون والحزبيون والاوساط الشعبية في زحلة والجوار لتحرير ريشا، بعد مضيّ اكثر من 48 ساعة على اختطافه من قبل مسلحين من أمام مؤسسته التجارية، وعندها تحولت قضيته الى قضية عامة شغلت الرأي العام اللبناني الذي ابدى تخوفاً من إزدياد هذه العمليات من دون أي رادع، خصوصاً بعد تكرارها مرات عدة مقابل فدية مالية، حتى ان منطقة بريتال تنكرت للخاطفين واعتصمت بهدف الدفاع عن سمعتها كبلدة باتت معقلاً للعصابات المسلحة، بفضل بعض الخارجين عن القانون الذين يشوهون سمعتها كبلدة بقاعية . لكن ما يثير المخاوف اكثر ان الخاطفين المعروفين بالاسماء والصورة ما زالوا خارج قضبان العدالة، وهذا يطرح سلسلة تساؤلات حول كيفية بقاء هذه العصابات حرة طليقة. في ظل مطالبات من قبل نواب زحلة خصوصاً بوضع خطة امنية في مناطق البقاع عموماً تمنع خطف المواطنين وابتزازهم عبر الضرب بيد من حديد للقضاء على هذه العمليات التي ستؤدي الى تسجيل نكسات امنية خلال العهد.
هذا وتؤكد مصادر سياسية متابعة بأن مطالبة اكثرية السياسييّن بتنفيذ خطة امنية جعلها على نار حامية وباتت قريبة، وفي طليعة هؤلاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي رأى بأن موضوع الخطف في البقاع بات يحتاج الى حسم من الجيش والقوى الامنية، وقد طالب بذلك خلال لقائه وزير الداخلية نهاد المشنوق، كما برزت معلومات يوم امس تؤكد بأن وزارة الداخلية تحضّر لتنفيذ خطة أمنية مشددة في جميع مناطق البقاع، لتثبيت الامن وملاحقة المطلوبين بالتنسيق مع الجيش . وكان سبق ذلك حملة مداهمات واسعة في منطقة بريتال وجرودها حيث تكثر البؤر الامنية المحمية من بعض السياسييّن، وإلا لما قام الخاطفون بهذا الفعل امام المارة وكأن لا دولة ستتصّدى لهم، بحيث اشهروا سلاحهم على طريق عام وكأن لا وجود للقوى الامنية، ما يطرح جملة تساؤلات حول من يحمي هؤلاء؟.
الى ذلك املت هذه المصادر بانهاء هذه المهزلة كي لا تبقى مناطق البقاع خارجة عن القانون، خصوصاً مناطق بعلبك – الهرمل التي إعتادت على «الحرية» بحيث تضّم في بعض مناطقها ابناء العشائر الذين لا يؤمنون بسلطة غيرهم، لذا يكثر عدد المطلوبين من ابناء تلك المناطق وخصوصاً في الجرود التي لم تعرف ابداً وجوداً للدولة من الناحية الانمائية، ما ساعد ابناءها في ايجاد الحجج لخروجهم عن سيطرة الدولة التي يصفونها دائماً بالغائبة، ومن ضمنها ايضاً بلدة عرسال حيث يتحّكم المسلحون بمصيرها مع تجدد عمليات الخطف كل فترة، بأيدي المسلحين والمرتزقة الذين استفادوا من الاوضاع الامنية المتردية لاتخاذ الخطف وسيلة تدّر عليهم الاموال، مشددة على ضرورة ألا تترك هذه المنطقة لمصير مجهول يتحّكم بها الخارجون عن القانون في الداخل والخارج على حد سواء.
ولفتت المصادر وفق معلومات امنية تلقتها الى ان مداهمات ستجري في هذه المناطق بحثاً عن مطلوبين بعدة جرائم، منها القتل والسرقة والخطف وإنشاء المرّبعات والجزر الامنية والمافيات، وإطلاق النار على العناصر الامنية والسطو المسلح وغيرها، مع استقدام وحدات من التدّخل السريع في قوى الأمن الداخلي للقيام بحواجز متنقلة على الطرق الدولية والفرعية بطريقة فجائية، فضلاً عن مداهمة احياء لطالما كانت الدولة ممنوعة من دخولها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر حي الشراونة الذي يقع عند المدخلين الشمالي والغربي لمدينة بعلبك، حيث معقل العشائر الذين اشتهروا بمعاركهم العائلية شبه اليومية ضمن مساحة لا تتجاوز الخمسة كيلومترات، اذ سرعان ما تتحوّل تلك المساحة الى ثكنة عسكرية بلحظات عند اي إشكال يقع بين العائلات نظراً الى حجم التعزيزات العسكرية التي تصل بلمحة البرق، وحين تتدخل القوى الامنية لردع المتناحرين تتعرّض على الفور لإطلاق النيران، كما ان المواكب المسلحة الخارجة من ذلك الحي تجتاح عادة بلدات المنطقة من دون أي رادع، لذا سيختلف الوضع من الان فصاعداً بعد انتشار الجيش بصورة فعلية، إضافة الى رفع الغطاء السياسي المنتظر، وهذا يعني عملية امنية ناجحة بامتياز تنتظر منطقة البقاع، في حين ان بعض الاهالي يتخوفون من ان تكون الخطة المذكورة كسابقاتها، لان المنطقة شهدت عدداً كبيراً من الخطط الامنية التي سرعان ما كانت تخمد بعد يومين على ابعد تقدير.