IMLebanon

“القوة الفائضة” لدى إيران

يقترب الشرق الأوسط من استحقاق استثنائي، ليس فقط في حال توصل الدول الكبرى الى اتفاق مع ايران على مستقبل برنامجها النووي، بل أيضاً لأن صفقة كهذه يمكن أن تفتح الباب واسعاً أمام إعادة ترتيب التوازنات في المنطقة. يؤخذ على الجمهورية الإسلامية الايرانية أنها لا تزال تسعى الى مساحات النفوذ بوضع اليد بالقوة العسكرية عوض استخدام القوة الناعمة وما يتيحه لها ميثاق الأمم المتحدة ومبادئها.

ترتكب ايران خطأ فادحاً إذا اعتقدت أن توصلها الى اتفاق مع الدول الكبرى، يعني إطلاق يدها في المنطقة. يحق لها الاستمتاع بما يمكن أن تجنيه من “عودتها” عضواً مشاركاً في قرارات المجتمع الدولي. لم تؤد قوتها الفائضة حتى الآن الى لجم النزاعات الكثيرة في المنطقة. لم تعد اسرائيل عملياً في واجهة الصراع إلا في فن الخطابة. يذهب الاستثمار الرئيسي لهذه “القوة الفائضة” نحو “شدّ العصبية” الشيعية و”تثويرها” بغية الحصول على الحد الأقصى من النفوذ في المنطقة العربية. لا غرابة أن يثير الأمر تأهباً عند الأكثرية من أهل السنّة العرب. خطأ فادح تحويل غلاة الشيعة رأس حربة في قتال المتطرفين السنة.

كأن المنطقة، وأبعد منها، ينقصها مستنقعات دماء.

مهما يكن من أمر، دخلت المفاوضات مرحلة حاسمة بين ايران و”مجموعة ٥ + ١” للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين الى ألمانيا. يتحسب كثيرون لجهود كبرى في مجلس الأمن حال التوصل الى اتفاق في الموعد المحدد في ٣٠ حزيران. تريد ايران رفعاً فورياً لكل العقوبات التي تفرضها عليها الأمم المتحدة. غير أن الدول الغربية تسعى الى إقرار آلية تعيد هذه العقوبات القارصة تلقائياً “سناب باك” حال الإخلال بالتعهدات. يستوجب ذلك تخلي روسيا والصين عن حق النقض، الفيتو. هل تسمح موسكو وبيجينغ بحصول سابقة كهذه في توازنات مجلس الأمن؟ ستكون ايران على الأرجح عضواً في لجنة ستتألف لتحديد مدى التزامها، وماهية المواد ذات الصلة التي يمكنها استيرادها.

أعاد المشاركون في مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي خلال الأسابيع الثلاثة الاخيرة تأكيد الحق المكتسب لكل الدول الموقعة للمعاهدة، ومنها ايران، في بناء برامج لأغراض سلمية. لا داعي إذاً للاستغراق في دعاية اسرائيل – وهي دولة غير عضو على غرار الهند وباكستان وجنوب السودان – ورهابها مما تضمره طهران. استنسبت اسرائيل “سياسة غموض” مثيرة للشكوك من أجل “ردع” كل من يتجرأ عليها.

في الطريق الى الاتفاق المرتجى، ينتظر كثيرون أن تضطلع ايران بـ”دور بناء” في إعادة الاستقرار الى المنطقة. لا حراب لها في العراق وسوريا واليمن والبحرين ولبنان.

إذذاك تذهب “القوة الفائضة” لدى ايران وسواها من دول المنطقة في محاربة الخطر الأكبر: الإرهاب.