هذا العام، لم يمر تعميم وزارة التربية القديم ـ الجديد تأجيل تسجيل التلامذة الفلسطينيين في المدارس الرسمية، بسلام في صيدا. التعميم، المبني على خلفية إعطاء الأولوية للتلامذة اللبنانيين وتنظيم الاكتظاظ وخفض كلفة تشعيب الصفوف، أثار اعتراض الأهالي العالقين بين عدم القدرة على تسجيل أولادهم في المدارس الخاصة، وبين تقليص موازنة التعليم في وكالة الأونروا، والتوتر الأمني داخل المخيمات، لا سيما مخيم عين الحلوة. لكن الإرباك الذي أحدثه التعميم دفع بعض المعترضين إلى التهديد بتعطيل العام الدراسي في المدارس التي رفضت تسجيل أبنائهم، وحرق الإطارات عند مداخلها، ومنع التلامذة اللبنانيين والمديرين والأساتذة من دخولها. ولقاء التهديدات، تواصل مديرو المدارس مع مسؤولين في الوزارة وقيادات في الأجهزة الأمنية لتأمين انطلاقة آمنة للعام الدراسي والحفاظ على سلامة الأساتذة والتلامذة. وقد شهد مخيم عين الحلوة ليل الثلاثاء مسيرة جماهيرية دعا إليها «أهالي التلامذة القدامى في المدارس الرسمية» و«شباب عين الحلوة» للتنديد بالتعميم. وكان مديرو المدارس في صيدا وجوارها التزموا عدم تسجيل التلامذة الفلسطينيين القدامى والجدد، سواء المقيمين داخل الحدود الأمنية للمخيمات أو خارجها، ما عدا المولودين من أم لبنانية وأب فلسطيني، والذين يحظون، بحسب مذكرة صادرة عن وزير التربية، بالتسجيل على غرار التلامذة اللبنانيين.
التعميم ليس جديداً وقد طبق للمرة الأولى في عهد وزير التربية الأسبق إلياس بو صعب، ولم يلغه الوزير السابق مروان حمادة، فيما تمسك الوزير أكرم شهيب بتطبيقه. وهو يسمح بتسجيل الفلسطينيين بحسب القدرة الإستيعابية للمدرسة، بشرط عدم فتح صفوف إضافية وتوظيف أساتذة جدد، بهدف التوفير على الخزينة اللبنانية. ويأتي التعميم في سياق قرار الدولة اللبنانية وقف التوظيف والتعاقد، بالتزامن مع إحالة ألف معلم إلى التقاعد هذا العام. وكانت النائبة بهية الحريري استحصلت، في بداية العام الدراسي الماضي، على تعليق استثنائي لتطبيق التعميم، تمكن بموجبه مديرو المدارس في صيدا من تسجيل التلامذة الفلسطينيين من دون عوائق، وقالت يومها، بحسب مصادر تربوية، إنها لن تؤمن استثناء جديداً هذا العام.
بحسب المصادر، القانون يمنع تسجيل تلميذ فلسطيني في مدرسة رسمية، إذا كانت هناك مدرسة تابعة لوكالة الأونروا في المحيط الجغرافي الذي تقع فيه هذه المدرسة. لكن يجري حالياً البحث عن مخارج عدة لتدارك تداعيات التعميم. وقد تلقت مديرة وحدة التعليم الشامل في الوزارة (التي تهتم بالتلامذة غير اللبنانيين) صونيا خوري، خلال لقائها مع المديرين أول من أمس، اقتراحات عدة منها تأمين مدارس للفلسطينيين في المدينة، بديلة عن مدارسهم التي أخرجوا منها.
وفي اتصال مع «الأخبار»، أوضح رئيس دائرة التعليم الرسمي في الوزارة، هادي زلزلي، أن «موقفنا هو تأمين مقعد لكل تلميذ على قاعدة حقه بالتعلم بغض النظر عن جنسيته ولن نترك أحداًَ في الشارع»، مشيراً إلى أن التدبير المتخذ في سنوات ما بعد أزمة النزوح السوري لا يعدو كونه تنظيماً للوضع ينطلق من القدرة الإستيعابية للمدارس وخفض كلفة التعليم عبر عدم فتح صفوف إضافية وتوظيف أساتذة جدد.
وزارة التربية: ملتزمون تأمين مقعد لكل تلميذ بغض النظر عن جنسيته
رئيس منطقة صيدا في وكالة الأونروا ابراهيم الخطيب شرح أن الاعتراض نابع من كون الأهالي يفضلون تسجيل أولادهم في المدارس التابعة للوكالة خارج مخيم عين الحلوة، في حين أنه «ليست لدينا قدرة استيعابية في المدارس الأربع في المدينة لكونها مباني مستأجرة على عكس مدارس المخيم التي بنتها الوكالة بمواصفات مختلفة وتحتمل استحداث شعب إضافية». ومع ذلك، أشار الخطيب إلى أنّ «مدارس المدينة شهدت في الأيام الأخيرة ضغطاً كبيراً نتيجة تعميم وزير التربية، ما اضطرنا إلى فتح شعبتين»، منتقداً الممارسات التي تعرض لها مديرو المدارس الرسمية على خلفيات سياسية، خصوصاً أن هناك الكثير من أولياء الأمور يلازمون منازلهم ريثما تجد وزارة التربية حلولاً مرضية.
يذكر أن هذه الأزمة كانت، بحسب مصادر تربوية، أحد الأسباب التي دفعت وزير التربية إلى تأجيل بدء العام الدراسي أسبوعاً إضافياً حتى 23 الجاري، وتمديد التسجيل في المدارس الرسمية حتى 10 تشرين الأول المقبل.