بعد الاستئذان من الرئيس نبيه بري والاعتذار منه سلفاً، فان ما يسمّى ب سياسة الدلع غير موجودة في هذه الطبقة السياسية في لبنان، إلاّ في أشكال متناثرة هنا وهناك، ولدى شخصيات تابعة وغير قيادية، وتعتبر من الفرافيط. وهي تمارس هذا النوع من الدلع لاثبات الوجود، ولأنها عاطلة عن العمل وليس لديها ما تفعله، وهؤلاء الأفراد هم من الشخصيات التابعين للقوى السياسية، وهم أشبه بفريق العزف على الربابة، أي على وتر واحد ومقام غنائي واحد ولا يجيدون سواه، وهم يعيدون كل أسباب الأزمات الى جذر واحد، على نغم معزوفة واحدة، مثل السلاح غير الشرعي… وليس هؤلاء من قصدهم الرئيس في خطابه الذي وجد أصداء واسعة في الوسط السياسي والشعبي، ونعر أكثر من جهة بمسلّة تحت إبطها…
***
بعد التدقيق والتمحيص والفرز لطيف الطابور السياسي المحترف في لبنان، يتبين انه يضم أفرقاء لكل منهم خصائصه المميزة كما تظهر من خلال قياداته هناك أو لاسياسة الفريق المتنمر والمتعالي والمغتر بقوته. وأسلوبه الوحيد في السياسة هو المباطحة، ويرفض الحصول على مبتغاه باللين أو حتى بشيء من المسايرة، وقاعدته الذهبية هي: … وانما الدنيا تؤخذ غلابا! وهذا الاغترار بالقوة يضع على عينيه نوعاً من الغشاوة… في حين ان الفريق الأكثر قوة فعلية في لبنان هو الأكثر تواضعاً وتضحية! وهناك ثانياً فريق سياسة اللحسة، وهو الأكثر تجذراً في السلطة والأكثر شراسة في إبراز المخالب والأنياب للدفاع عن مواقعه وموارده، ويجعل منها قضية حياة أو موت… وهو مثل طير الباشق الواقف على قصبة تعصف به الريح وتنتف ريشه وتتمايل به القصبة الى أقصى اليمين والى أقصى اليسار وتكاد ان تلامس الأرض، ولكن الطير متشبّث بها بمخالبه ولا يتركها قط!
***
هناك أيضاً فريق سياسة المغرّد الذي يجيد كل أنواع الغناء والألحان، وكما لكل مقام مقال، كذلك لدى مغرّد هذا الفريق فان لكل مناسبة لحن وأغنية وتغريدة! وهناك كذلك الفريق العريق الذي أراد أن يجدّد شبابه بعد أن أصابه الملل من حكم الشيوخ، فوقع في مطبّ القيادة الشابة وسياسة المراهقة! وهناك الى ذلك أفرقاء من الصالحين اذا صرخوا لا يسمع صوتهم ولا يحسب حسابهم… ومعذرة مرة أخرى من الرئيس بري!