الحرب في سوريا، والحرب في اليمن، تذكراننا بالحرب التي شنتها إيران على العراق واستمرت ثماني سنوات وانتهت بإنهاك الطرفين… حتى ليصح أنّ التاريخ يعيد نفسه ولكن ببعض اللاعبين الجدد، وإن كان المخرج الأميركي لا يزال نفسه في معظم ما يجري من أحداث وتطورات في هذا العالم وبالذات في منطقتنا.
وحتى الآن مضت سبع سنوات تقريباً على الحرب في سوريا، ومضت ثلاث سنوات على حرب اليمن… ولكن أحداً لا يمكنه أن يجزم متى ستنتهي هاتان الحربان.
كانت المؤشرات قد دلّت منذ الصيف الماضي الى أنّ الحرب في سوريا آيلة الى الإنتهاء، هكذا كُتب وهكذا قيل وهكذا عُمّم، وفجأة بدأت هذه الحرب تتناسل حروباً جديدة وتفرّخ تداعيات جديدة، وتشير الى مستقبل غامض، خصوصاً في ضوء التطورات والمستجدات على محور تركيا – العراق، والذي يتجه، بدوره، لأن يتوسّع ليصبح محوراً عالمياً إذا أردنا أن نصدّق ما يقوله رجب طيب أردوغان وما يردّده يومياً، وما يتهدّد به الولايات المتحدة الأميركية تارة وروسيا تارة أخرى… لدرجة أنه تحدّث مباشرة عن احتمال وقوع حرب مباشرة بين قواته في سوريا والقوات الأميركية هناك.
وفي بعض الأحيان كاد ان يخيّل إلينا أنّ هذه الحرب واقعة بين لحظة وأخرى.
ماذا يعني هذا كلّه؟ يعني أنّ سوريا تحت الاحتلال (عفواً: تحت الاحتلالات المتعددة: التركية والأميركية والروسية والإيرانية والميليشياوية)، ويعني كذلك أنه لن تقوم قيامة للدولة السورية في المستقبل القريب، وبالتالي لا مؤشّر الى عودة سوريا الى أي دور.
وهذا لا يكفي للدلالة على استهدافات هذه الحرب، ذلك أنّ سوريا استُنفدت كلياً: بلد من دون سلطة تبسط سيادتها الوطنية على كامل ترابها، جيش بات أشبه بميليشيا من لون واحد، إقتصاد منهار، مدن مدمّرة وكذلك الأرياف، شعب مشرّد نصفه بين الداخل والخارج… وكل مَن يشاء يستطيع أن «يتمرجل» على هذا البلد العربي الذي كان له حضوره ودوره وسطوته أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد.
وفي اليمن كلما اقترب موعد الحسم العسكري من قِبَل الشرعية ضدّ المتمرّدين الحوثيين، كلما طرأت تطوّرات وعوامل تؤخر هذا الحسم، صحيح أنّ جيش الشرعية يتقدّم على محاور عديدة شمالاً وجنوباً، ولكن الصحيح أيضاً أنّه لم تعد تتوافر بوادر أكيدة على حل في المستقبل المنظور.
وهنا أيضاً يجب البحث عن السبب الذي هو متوافق مع السبب الذي أدّى ويؤدّي الى عدم التوصّل الى حل في سوريا، ذلك أنّ وراء السببين أهدافاً واضحة وهي تدمير قدرات هذه الأمة كي لا تقوم لها قائمة، وكي تتلهّى بمشاكلها وقضاياها الكبيرة بدلاً من أن تنطلق في معارج الحياة بما يخدمها ويطوّرها ويعزّز مواقعها أوطاناً وشعوباً.
ولا نقول جديداً إذا قلنا إنّ هذا كلّه يصب في مصلحة الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، فيبدو جلياً أنّ كل ما يجري يخدم بقاء «إسرائيل» طويلاً في أرض فلسطين العربية على حساب الشعب الفلسطيني المناضل والصابر… فلا قدرات مالية ولا جيوش تقاتل، فالحروب تستنفد الأموال خصوصاً في عمليات تجارة السلاح التي يصدرها الاميركي والروسي على نطاق واسع… وكذلك لا جيوش فاعلة، إنما تتحوّل الى مجرّد شرطة على الناس.
عوني الكعكي