ذهب البعض في «ابتهاجهم» بالقمة الروسية – التركية الى حد بناء أوهام أشبه ما تكون بقصور من رمال، فلم يتوقف خيالهم عند حد، وكاد فريق منهم أن يصوّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وكأنه بات حاملاً راية الدفاع عن النظام المجرم في سوريا.
كان يفترض بالذين يذهبون في هذا التحليل أن يتبصّروا في ما صدر عن القمة من معلومات أجمعت على نقطة مركزية رئيسة وهي أنّ الرئيس أردوغان لم يبدّل في موقف بلاده من بشار الأسد.
باختصار شديد، الموقف التركي: لا حلّ مع بشار، ولا حل ببشار!
هذا ما أبلغه التركي الى الروسي بوضوح مباشر وصريح لا يقبل تفسيراً أو شرحاً!
صحيح أنّ الجانبين الروسي والتركي بحثا في حل الأزمة السورية كما أعلنا عن ذلك مباشرة.
وصحيح أنهما قرّرا تشكيل «آلية قوية» مشتركة للبحث عن الحل المنشود في سوريا.
ولكن الأصح أنّ البحث في تقريب نقط الخلاف القائمة بينهما توقف جدّياً عند رئيس النظام السوري شخصياً، فبدا أنّ هذه النقطة عصيّة على التقارب ربّـما لأنّ الموقف التركي ثابت لا يتزحزح، وربّـما لأنّ بوتين يترك مصير الاسد الى فصل آخر من المحادثات التي يجريها سواء مع الضيف التركي الكبير أم مع جون كيري وزير الخارجية الأميركي الذي يعدّ ما تبقّى له من أيام في الإدارة الأميركية.
في أي حال انّ البحث عن حل للأزمة السورية بات أكثر من ضرورة ملحّة ليس على الصعيدين الروسي والتركي فحسب بل أيضاً على الصعيدين الإقليمي والدولي عموماً…
فالأزمة السورية تخطّت، بأبعادها الدموية والمأساوية والتدميرية، كل الأرقام القياسية في القتل والحروب والدمار، وباتت تشكل أخطاراً مصيرية على دول الجوار والإقليم، وأيضاً على دول العالم الأبعد.
ولعلّ الخطرين الأكبرين هما ما بلغته «داعش» من تهديد مباشر لبلدان كثيرة… وأيضاً «خطر» قيام دولة كردية تقضم رقعتها من أراضي سوريا والعراق وتركيا وإيران…
وبالتالي فإنّ هذا «الخطر» يبدو مشتركاً بين تلك الدول بالرغم ممّا بين بعضها البعض من إشكالات جوهرية.
وليس مصادفة أنّ معالم الدولة الكردية انبثقت من رحم الحرب السورية فبدأت تتخذ «حدوداً» في سوريا والعراق، بينما هي لا تزال، في جزئها التركي في إطار الكرّ والفرّ بين الدولة التركية والتنظيمات الكردية المسلحة… أمّا في إيران فبدأ الحديث يتزايد يومياً عن صدامات وإعدامات منطلقها تعقب الدولة التنظيمات والمنظمات الكردية المسلحة.