IMLebanon

مخارج لجلسة تشريع الضرورة تحرّك الجمود النيابي والحكومي

ما بين «حرب النفايات السياسية» اللبنانية وحروب المنطقة الاقليمية والدولية الكبرى، يقف لبنان ومؤسساته الدستورية عاجزين عن معالجة أبسط المشكلات، فكيف أكبرها وأعقدها؟ وهو الأمر الذي يدفع الرئيس تمام سلام، ومؤخرا وزير الزراعة المكلف معالجة مشكلة النفايات، الى التلويح بإطفاء محركاتهما والاستكانة الى القدر المكتوب، وترك البلد يغرق في كل نفاياته العضوية والسياسية، ما دامت القوى السياسية متمترسة كل خلف جدران عالية لا تتنازل و «لا تترك للصلح مطرحا».

ويبدو من حيثيات الايام القليلة الماضية، ان أزمة الحكومة تراوح مكانها في ظل عدم التوافق على أولويات العمل وآلياته، وفي ظل التنازع الطائفي المذهبي على مطامر النفايات، وفي ظل استبعاد الأوساط السياسية إمكانية التوصل الى اتفاق على السلة الكاملة للحلول في المدى المنظور. إلا ان بارقة الأمل الوحيدة التي لا زالت متاحة تكمن في العودة الى الأصل، أي الى مجلس النواب، الذي يحاول الرئيس نبيه إعادة فتح ابوابه انطلاقا من باب صغير يسمى جلسة «تشريع الضرورة»، نظرا لما تصفه مصادر كتلة بري «الحاجة الملحة والمصلحة الوطنية في إقرار بعض المشاريع ذات الطابع الدولي، والتي يشكل عدم إقرارها ضررا كبيرا على لبنان».

وظهر من مواقف الأطراف بعد جلسة تجديد هيئة مكتب المجلس واللجان النيابية، ان معظم الكتل النيابية توافق على عقد الجلسة التشريعية في أقرب فرصة بعد اجتماع هيئة مكتب المجلس الثلاثاء المقبل، الذي يفترض أن يصار فيه الى الاتفاق على جدول أعمال جلسة تشريع الضرورة، لتعقد الجلسة وتقر المشاريع والقوانين الملحة، وأولها تلك المتعلقة بالقروض والهبات والامور المالية التي تعتبر عصب تحريك مفاصل الدولة.

إلا أن الشروط التي وضعت من بعض الكتل النيابية، لا سيما «التغيير والاصلاح» و «القوات اللبنانية» و «الكتائب» و «تيار المستقبل»، لعقد الجلسة، والمتعلقة حصرا بإدراج مشروعي قانون الانتخابات واستعادة الجنسية على جدول الاعمال، واعتبار المجلس في حال انعقاد حكمي فقط لانتخاب رئيس للجمهورية، توحي بأن عقد الجلسة متعذر نظرا لتعذر التوافق السياسي على هذه الشروط، الا ان المخارج متاحة برأي اكثر من مصدر نيابي.

واذا كان الرئيس بري وسواه من نواب قد لمّحوا الى وجود اكثر من اربعين مشروعا واقتراح قانون ضروريا، فإنه برأيهم يمكن اختصارها الى 12 او 15 بندا توضع على جدول الاعمال، بما فيها المواضيع التي تطالب بها الكتل الاربع المذكورة. لكن مشروعي استعادة الجنسية وقانون الانتخابات لا زالا قيد الدرس في اللجان النيابية، ولم يحالا بعد الى الهيئة العامة، وسيتقرر الموقف بشأنهما في اجتماع هيئة مكتب المجلس.

والمخرج برأي الاوساط النيابية يكمن في ترتيب أولوية هذه المواضيع في اجتماع هيئة مكتب المجلس، بحيث توضع البنود المالية والهبات والقروض في رأس لائحة جدول الاعمال، وبعدها المواضيع الاخرى والمختلف عليها، بحيث انه بعد إقرار المواضيع الملحة الاولى، ترجأ الجلسة بسبب الخلاف على المشاريع والاقتراحات الاخرى أو يطير النصاب. عدا ان موضوع الاستحقاق الرئاسي لا زال يخضع لمعايير جلسات عدم اكتمال النصاب فيتعذر طرحه.

ومع ذلك تفيد المعلومات ان حزب «الكتائب» المعترض اساسا على عقد جلسات تشريعية قبل انتخاب رئيس للجمهورية، قد لا يحضر نوابه جلسة تشريع الضرورة، لكنه لن يعرقل عقدها. وفي هذا الصدد، تقول أوساط وزارية في الحزب، ان «مشكلة عقد جلسات التشريع ليست عندنا بل عند الآخرين، ويمكن إذا اتفقوا ان يعقدوا جلسة تشريعية من دون حضورنا».

وتعتقد المصادر النيابية ان جلسة التشريع هي المخرج الوحيد المتاح الآن لإعادة تحريك الجمود في العمل النيابي والحكومي، وقد يتاح بعدها طرح مواضيع ملحة ايضا في الحكومة بحاجة لإقرار، أو على الاقل توقيع الوزراء المعترضين على عشرات المراسيم المجمدة منذ أشهر، بما يؤدي الى تيسير بعض أمور الدولة والمواطنين.

وتؤكد المصادر ان معظم الكتل، ان لم يكن كلها، تحاول إيجاد مخارج للعقد المستعصية، وان جلسة تشريع الضرورة لو عقدت ستكون «التنفيسة» المتاحة للاحتقان السياسي والشعبي الحاصل برغم كل التحفظات الموجودة لدى الأطراف. وتعتقد تلك المصادر أن المشكلات الباقية ستحل واحدة بعد الاخرى، خاصة اذا تم التوافق على حل مشكلة مطامر النفايات الاسبوع المقبل.. بانتظار سلة الحلول المتكاملة اذا توافرت الظروف والتنازلات الممكنة.