رغم تردّي جودة الخدمات وغلاء الاسعار وانقطاع الكهرباء والاتصالات والخبز والادوية وتدهور القطاع الاستشفائي، أي عدم توفّر الحدّ الادنى من الظروف المعيشية اللائقة، إلّا انّ الموسم السياحي واعد وعدد المغتربين والسياح المتوقّع وصولهم الى لبنان في الايام المقبلة يبلغ حوالى مليون وافِد.
وصل الى لبنان مع بداية الشهر الحالي 111 ألفاً و593 راكباً مقابل 76742 راكباً في الأسبوع الأول من حزيران 2021 اي بزيادة نسبتها 45,41 بالمئة. ويشهد مطار رفيق الحريري ارتفاعا ملحوظا في حركة المسافرين منذ شهر أيار الذي ارتفعت فيه الحركة بنسبة 69 في المئة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، في حين وصل المجموع العام للمسافرين عبر المطار منذ مطلع العام 2022 وحتى نهاية الشهر الخامس منه الى مليون و988 ألفاً و10 ركاب مقابل مليون و50 ألفاً و282 راكباً في الأشهر الخمسة الأولى من العام 2021، اي بزيادة نسبتها 89 بالمئة.
وبما انّ التعويل هو على تَوافد السياح والمغتربين الى لبنان من اجل تحريك العجلة الاقتصادية وازدهار القطاع السياحي، إلا ان معظم اللبنانيين ينظرون اليهم على انهم العامل الذي سيغرق السوق بالدولارات، ويُسعفهم بالتالي في تراجع سعر صرف الدولار في السوق السوداء.
فهل ان التوقعات بإنفاق المغتربين والسياح حوالى 3 مليارات دولار هذا الصيف واقعية؟ والى ايّ حدّ ستساهم في تراجع سعر الصرف؟
في هذا الاطار اعتبر المستشار المالي ميشال قزح انّ غالبية الوافدين هم مغتربون لبنانيون اعتادوا تحويل الاموال الى عائلاتهم في لبنان، مع الاشارة الى انّ التحويلات المالية الرسمية الى لبنان تبلغ حوالى 6,6 مليارات دولار سنوياً تُضاف اليها حوالى 3 مليارات دولار تدخل بشكل غير رسمي. ورغم انّ المغتربين سيساهمون نوعاً ما في تَدفّق الدولارات الى السوق المحلية هذا الصيف، إلا انّ ما يقلّص من التداعيات الايجابية لهذه التدفقات يتمَثّل في فاتورة استيراد المحروقات المتزايدة والتي تستنزف بالنسبة الاكبر من السيولة بالعملات الاجنبية من السوق المحلية في ظل ارتفاع اسعار المحروقات عالمياً، وبالتالي تؤدي الى ارتفاع عجز ميزان المدفوعات.
واوضح قزح لـ»الجمهورية» ان غالبية المغتربين يعمدون الى الإنفاق من ودائعهم العالقة في المصارف من خلال استخدامها بشتى الطرق، إن عبر البطاقات الائتمانية او غيره، ولو حتّى تمّ فرض نسَب اضافية تصل الى 30 في المئة من قيمة مشترياتهم او فاتورة الفنادق او غيرها. وبالتالي، اشار قزح الى ان هذا الامر يستنزِف أيضاً المزيد من الاموال من احتياطي مصرف لبنان.
ورأى ان التوقعات بإنفاق المغتربين والسياح ما قيمته 3 مليارات دولار أمر مبالغ فيه، مرجّحاً ان يصل حجم إنفاقهم الى مليار أو مليار ونصف المليار دولار هذا الصيف، مما قد يعطي «جرعة اوكسجين» اضافية لمصرف لبنان تشتري له المزيد من الوقت وقد تخدمه لفترة شهرَي تموز وآب في حال لم تحصل تطورات سلبية اخرى. لكنّ قزح شدد في المقابل على ان احتياطي مصرف لبنان قد يخدمه بضعة اشهر اضافية لدعم الليرة، سيضطر بعدها الى اتخاذ قرار من ضمن خيارين: إمّا تسييل احتياطي الذهب او وقف التدخل في سوق الصرف واعتماد الدولرة الشاملة التي ستؤدي الى فوضى امنية اجتماعية، وبالتالي الى انهيار شامل. معتبراً انّ المعطيات لا تشير الى توجّه او عزم على عقد اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي بسبب عدم وجود نيّة لدى الطبقة السياسية الحاكمة لتلبية شروط الصندوق. هذا الواقع يؤشّر الى انّ السلطة الحاكمة لا تبالي في مواصلة اعتماد سياسة شراء الوقت وقد تصل الى حدّ استخدام جزء من احتياطي الذهب الموجود في لبنان، «علماً أننا لا نعلم حجمه، ولكنّ التقديرات تشير الى انه يمكن ان يشتري مزيداً من الوقت يتراوح بين عامين و3 اعوام».
وختمَ قزح مؤكداً انّ مسار سعر الصرف سيبقى متقلّباً صعوداً ونزولاً لأنّ اللاعب الرئيس المُتحكّم به هو مصرف لبنان الذي يقوم بسحب السيولة من السوق عندما يشاء ويعود لِضخّها متى يشاء، إلا انّ المؤكد في ظل عدم وجود أي مؤشرات ايجابية وجدّية لبدء عملية الاصلاح، انّ المسار الاجمالي لسعر صرف الدولار مقابل الليرة هو تصاعدي