IMLebanon

ملاحظات أوّلية على انتخابات المغتربين: نجاح للخارجية والداخلية

 

المشكلة الكبرى أولاً وأخيراً في قانون الانتخاب الهجين والطائفي

 

 

 

بالرغم من كل العراقيل والظروف الصعبة المالية والتقنية واللوجستية ومن طبيعة قانون الانتخاب المعقد والهجين، وبرغم الضجيج السياسي الانتخابي غير المبرر، أنجزت وزارتا الخارجية والداخلية انتخابات دول الاغتراب يومي الجمعة والاحد بكثير من الحِرَفية والشفافية، وبقدر قليل جداً من الملاحظات والمخالفات والشكاوى، لعل ابرزها كان خرق الصمت الانتخابي عشية الانتخابات بمواقف سياسية وترويجية لكل من القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي والكتائب، لكنها ظلت ضمن السقف المعقول والمقبول، اما باقي الملاحظات فتركزت على امرين اساسيين: غياب اسماء الكثير من الناخبين عن لوائح الشطب حيث تبين انهم لم ينجزوا التسجيل الالكتروني بالكامل وظلت بعض المعلومات ناقصة. وزحمة الناخبين امام مراكز الاقتراع في بعض الدول نتيجة الاقبال الكثيف وضيق بعض مراكز الاقتراع كما حصل في دبي حيث تم تسجيل 19900 ناخب.

 

ومع ان بعض القوى السياسية حاول التأثير على الناخبين في مركز الاقتراع بإقامة الخيام الانتخابية واطلاق الشعارات الحزبية والانتخابية وبث الكلمات، إلّا انه جرى منعها وسحبها الى اماكن بعيدة عن الاقلام. كما ان المفارقة في انتخابات اليوم الاول للمغتربين الجمعة كانت في تدني نسبة الاقتراع، بحيث بلغت حسب معلومات وزير الخارجية 59,49 بزيادة بسيطة عن انتخابات 2018 التي قاربت 56 في المئة، مع ان عدد المسجلين وقتها كان اقل بكثير عن عددهم في انتخابات 2022. وافادت معلومات مراسلي وسائل الاعلام عن تدني نسبة التصويت السنّي بشكل خاص في دوائر بيروت الثانية وطرابلس وصيدا، اي حيث القوة الناخبة المؤثرة لتيار المستقبل.

ومع ذلك، كان يُرتقب ان ترتفع النسبة في انتخابات يوم امس الاحد والتي ستُعرف بدقة صباح اليوم الاثنين، نظرا لكثافة الاقبال في 48 دولة من دول العالم من الاميركيتين الى اوستراليا واوروبا وافريقيا ودولة الامارات العربية المتحدة والمغرب وتركيا، وحيث بلغ عدد الناخبين المسجلين 194348 ناخباً. ولوحظ ان اول دولة اقفلت ابواب اقلام الاقتراع كانت اوستراليا بسبب فارق التوقيت حيث بلغت نسبة التصويت قرابة 55 في المئة.

ومع ان القوى السياسية التقليدية حشدت ناخبيها في كل الدول، فإن من تسمي نفسها قوى التغيير لم يُسمع لها صوت، مع ان اكثر الناخبين ابدوا رغبة في الاقتراع لقوى التغيير. لكن اي قوى؟ هل التي كانت في السلطة طيلة السنوات الطويلة الماضية وساهمت في الخراب الذي وصلت اليه البلاد، وركبت موجة الاعتراض الشعبي في 17 تشرين 2019 واجهضتها وغيّرت مسارها، ام التي ترغب بالحصول على اكثرية نيابية تمكنها من تقاسم الحصص مجدداً في السلطة، وفرض شروطها في اختيار رئيس الحكومة وتشكيل الحكومة الجديدة ضمن المعايير التقليدية ذاتها التي تفرضها توازنات القوى في البرلمان، وحيث لا يمكن لأحد ان يلغي أحداً في لبنان؟

لكن برأي الكثيرين ان اهم مشكلة في الانتخابات هي قانون الانتخاب الهجين العجيب الغريب بحد ذاته، والذي بات من الواجب تغييره بقانون نسبي وطني خارج الطائفية المعششة في كل تفاصيل الحياة اللبنانية، وبلوائح غير مقفلة تتيح للناخب الاختيار من بين مرشحي كل اللوائح. فقد اظهرت التجربة ان اللوائح المقفلة تُقيد حرية الناخب وتُلزمه بمرشحين في اللائحة لا يمثلون رأيه وتوجهاته ومطالبه الحياتية.

لا شك ان بعض مجموعات المجتمع المدني وقوى التغيير المستقلة غير الحزبية بات لها مكان اوسع لدى الناخبين، لكن تفرّقها سيؤثر حكماً على نتائجها ولو حصلت على عدد اصوات معقول.

ويبقى التعويل اكثر من الاغتراب على الانتخابات العامة يوم الاحد المقبل في لبنان، حيث عدد الناخبين المسجلين يناهز ثلاثة ملايين، وقد يقترع نصفهم تقريباً او اكثر قليلاً نتيجة الحملات السياسية التحريضية الجامحة للقوى السياسية. وفي هذه الانتخابات ستظهر اتجاهات الناخبين فعلياً، وقوّة وفعالية مجموعات التغيير الحقيقية غير المرتهنة وغير المرتبطة بالخارج، والتي تسعى فعلاً لتصحيح الوضع العام للبلاد سياسياً واقتصادياً ومعيشياً. كما ستظهر القوة الشعبية للاحزاب التقليدية.