Site icon IMLebanon

المتوقع وغير المتوقع  في أجندة الجمهورية

كان العماد ميشال عون يقول دائما ان همّه ليس الرئاسة بل الجمهورية. لكن الرئاسة هي الممر الإلزامي الى استعادة الجمهورية والأداة الأساسية لاصلاحها. وهي جاءته متأخرة ثلاثة عقود تقريبا ازداد خلالها اهتراء الجمهورية، بحيث صار الحد الأدنى في ورشة اعادة البناء إنهاء حال التراخي التي حصلت في عمل المؤسسات خلال الفترة الماضية كما قال الرئيس ميشال عون لسفراء مجموعة الدعم الدولي للبنان. وليس يوم التهنئة الشعبية في القصر الجمهوري ودعوة التيار الوطني الحر الى المشاركة في هذه التظاهرة يوم الأحد في استعادة لمشهدية بيت الشعب قبل ٢٦ عاما مجرد نوستالجي. فالمشهد مرشح للتكرار في ساحات القصر بشكل أكبر. لكن خطاب الرئيس عون سيكون، بطبائع الأمور والمتغيرات، مختلفا عن خطاب العماد عون، وان تكرر نداء يا شعب لبنان العظيم.

ذلك ان سفراء مجموعة الدعم الدولي للبنان تحدثوا مع الرئيس، كما قالت منسقة الأمم المتحدة سيغريد كاغ، عن أهمية استمرار الاستقرار بعيدا من الصراعات الاقليمية. واعتبروا تأثير الأزمة السورية على لبنان موضع اهتمام مشترك. وتعهدوا البقاء على حوار منتظم مع رئاستي الجمهورية والحكومة لمناقشة سبل الحد من الضغوط على لبنان. وقد صارحهم الرئيس عون بالقول ان جمع اللبنانيين على سياسة داخلية وطنية سيليه جمعهم على سياسة خارجية واحدة أيضا، بعد تذليل كل العقبات التي تعترض ذلك حتى الآن.

ورئيس الجمهورية يعرف أكثر من سواه ان العقبات ليست قليلة، ولا عادية، ولا محصورة بخلافات داخلية تتوقف عند حدود لبنان وغير مرتبطة بالصراعات الاقليمية.

فلا لبنان خارج حرب سوريا بأكثر من شكل أهمها مشاركة أقوى فريق فيه هو حزب الله في المعارك. ولا حرب سوريا خارج لبنان لجهة نزوح مليون ونصف مليون سوري الى الوطن الصغير. والحسابات والرهانات على نهاية لحرب سوريا وبأي شكل ومتى من أجل عودة النازحين، كانت ولا تزال نوعا من التبصير في فناجين القهوة. والدعوات الى النأي بالنفس وتحييد لبنان عن الصراعات الخارجية بقيت شعارات على الورق.

من مبادئ العلوم السياسية ان التاريخ يحكم على القادة من خلال أمرين: قابليتهم للتعامل مع غير المتوقع والتغلب عليه، وقدرتهم على جلب غير المتوقع. واذا كان لبنان معرّضا وسط تحولات المنطقة لما هو غير متوقع، فان أقصى ما يحلم به اللبنانيون هو قدرة المسؤولين على التعامل مع المتوقع والمبرمج نظريا في الداخل. والامتحان المهم والقريب في اعادة تكوين السلطة هو الاتفاق على قانون انتخاب يساهم في خلخلة الأحاديات والبلوكات الطائفية والمذهبية.