IMLebanon

التجارب بين معراب والرابية لا تشجّع على التفاؤل

التجارب بين معراب والرابية لا تشجّع على التفاؤل

لقاء لامتصاص النقمة المسيحيّة وغضب بكركي

لا شيء يوازي زيارة ميشال عون الى سمير جعجع في سجن وزارة الدفاع بعد سنوات من الاعتقال الطويل لقائد القوات وبعد جولات من الخصومة والحروب الإلغائية بين الرجلين والتي سال فيها واريق الكثير من الدم المسيحي، ولكن تلك الزيارة، بحسب مصادر مسيحية، على اهميتها وانسانيتها وخصوصيتها لم تساهم في ذلك الوقت بحلول «المحبة» بين الزعيمين ولا بتقريب وجهات النظر ولم تشفع للجنرال بعدها في كسب ود رئيس القوات وجعله حليفاً مسيحياً وإنهاء حالة الخصومة، كما لم تنفع زيارات جبران باسيل وايلي الفرزلي في مرحلة «القانون الأرثوذكسي» ولا كل الرسائل و«رسل المحبة» في مراحل متفرقة بين الرابية ومعراب في مد جسور التلاقي والتقارب ومن اجل خلق كيمياء لم تنشأ يوماً بين الزعامتين.

وبطبيعة الحال تضيف المصادر، فلا التجارب الماضية ولا تلك التي ستأتي بعد حين ستساهم في تغيير المعادلة القائمة بين الرابية ومعراب، وان زار سمير جعجع الرابية ألف مرة ولو وجّه ميشال عون مئة دعوة لزعيم معراب، والقائمة دائماً على محاولة إلغاء الآخر ضمن منظومة الصراع المسيحي – المسيحي القائم بينهما منذ سنوات. فميشال عون يدرك ان سمير جعجع اطاح بحلمه التاريخي والأخير بالوصول الى كرسي بعبدا، وسمير جعجع على قناعة بأن ميشال عون يفضل الف مرة الفراغ على تسليم الرئاسة الى سمير جعجع، وبالتالي فان هذه المعادلة القائمة بين الزعيمين منذ سنوات والتي غذتها المواجهة الأخيرة بين الرجلين وترشحهما ضد بعضهما لا تسمح كما تضيف المصادر بتحقيق اي اختراق ويالتالي فان الامور مرشحة للبقاء على حالها لو حصل اكثر من لقاء لغسل القلوب وفتح صفحة جديدة في العلاقة .

صحيح ان انتقال سمير جعجع الى الرابية مسألة وقت قليل والرابية على اهبة استعداد لاستقبال زعيم معراب لكن المصادر تسأل على ابواب اللقاء الذي لم يعد بعيداً وقد يسبق ربما لقاء المستقبل وحزب الله وربما قبل ميلاد السيد المسيح في خطوة ذات دلالة مسيحية ورمزية، ما فائدة هذا اللقاء واي جدوى منه بعد الفراغ الذي شارف عتبة العام ولماذا يبدي الطرفان هذه الرغبة في الاختلاء في هذا التوقيت بالذات بعد خصومة وتشرذم مسيحيين انعكسا على القواعد الشعبية وعلى الجمهور المسيحي بكل فئاته؟

وأكدت المصادر المسيحية ان اللقاء المرتقب قد لا يحمل توافقاً على مرشح توافقي، ولكنه بات يحمل طابع لقاء الضرورة لعدة اسباب ومعطيات، منها امتصاص نقمة وغضب بكركي وموقع سيد الصرح بات واضحاً في تحميل القيادات المارونية مسؤولية الفراغ والتعطيل وما اصاب الكرسي الأولى، والتجاوب مع الضغط المعنوي من الفاتيكان والغرب والذي يحد من خطورة ما يحصل مسيحياً في الشرق وما قد يصيب الوضع اللبناني وبالتالي فان اي لقاء مهما كانت نتائجه، هدفه تفادي الإحراج المسيحي لدى الرأي العام فيما يذهب الخصمان الكبيران في تيار المستقبل وحزب الله، رغم كل الملفات العالقة والخلافات، الى حوار حقيقي لن تكون الكرسي الأولى بعيدة عن احداثه.

وفي حين تتوقع المصادر ان لا يقدم اللقاء اي تطورات او اختراق ايجابي في الملف الرئاسي بقدر ما سيكون عليه من محاولة رفع الصوت ولفت نظر الحلفاء في المستقبل وحزب الله الى ان مصير الكرسي المسيحي يقرره القادة المسيحيون الأقوياء، فان انسحاب عون كما تؤكد المصادر سيرتب مطالب كثيرة وثمناً باهظاً لأن لا شيء يوازي ضياع الحلم التاريخي للجنرال، وبالتالي فان خسارة القوات للكرسي لا توازي خسارة الرابية بعدما انتزعت القوات اعترافاً نيابياً بجعجع الذي صدرت بحقه احكام قضائية.

ولعل السؤال البديهي الذي طرح اليوم على ابواب اللقاء المنتظر، ماذا جنى كل من عون وجعجع من الكباش الرئاسي الذي اضاع على المسيحيين الكرسي الاولى واعاد الى الجو المسيحي نزاعهما المريض والمزمن في السياسة؟ تجيب المصادر المسيحية، ضمناً لا يزال رئيس القوات مقتنعاً بأنه فعل عين الصواب عندما ترشح للانتخابات الرئاسية وان كان الفراغ نتيجتها وتعطيل الرئاسة، ولا يزال سمير جعجع على موقفه المبدئي في تحميل زعيم الرابية مسؤولية الفراغ وايصال البلاد الى التعطيل والفراغ ولا يزال في مجالسه الضيقة يضع الحق كل الحق على رئيس الاصلاح والتغيير في ايصال الأمور الى ما وصلت اليه بسبب اصرار التيار الوطني الحر على خيار «عون او لا أحد» في الرئاسة. وحال رئيس القوات لا تختلف عن حال زعيم الرابية الذي لطالما اعتبر نفسه «الأفضل والأكثر استحقاقاً لكرسي بعبدا خصوصاً انه يتربع على عرش اكبر كتلة مسيحية وهو الأكثر تمثيلاً لدى المسيحيين».

وعليه تعتبر المصادر ان سمير جعجع خرج من معركة الرئاسة بنقمة اكبر من الفريق السياسي المعادي له وبتأييد وضغط كبير من فريق 14 آذار. لا يزال سمير جعجع يشعر حتى الساعة ان ترشحه للانتخابات الرئاسية رغم كل ما قيل ويقال فيها من اكثر الأمور الإيجابية التي فعلها في حياته السياسية. فالترشح الى الرئاسة الأولى حق لكل لبناني، وحق اساسي لأي قيادي في ثورة الأرز، وزعيم معراب يعتبر خوضه الاستحقاق والاصوات التي حصل عليها انتصاراً سياسياً، وعليه فان جعجع بينه وبين نفسه يحصي الأرباح التي حققها والمكاسب على الشكل التالي بحسب مصادر مقربة من القوات:

يدرك رئيس القوات انه كان افضل اللاعبين في الملف الرئاسي داخلياً وانه استطاع إحراج خصمه المسيحي الأول ميشال عون، لا بل احرق كل مراكبه الرئاسية . والأكثر من ذلك فان جعجع بحسب القواتيين تمكن من تسجيل «سكور» قوي في مرمى 8 آذار باسقاط مرشحها الافتراضي ميشال عون.

استطاع سمير جعجع ان يقول الأمر لي في الاستحقاق في صفوف 14 آذار، بحسب المصادر، وان يجمع كل فريق 14 آذار حول ترشحه ولو رغماً عن ارادة البعض وخصوصاً المرشحين المسيحيين الذين يعتبرون ان جعجع ضيع حلمهم الرئاسي.

اثبت جعجع انه المرشح الأقوى في 14 آذار وان حلفه مع سعد الحريري «لا غش او لبس فيه» وان الخطوط التي فتحت ذات يوم بين الرابية والمستقبل لا تقدم ولا تؤخر في ما كتب في الاستحقاق.