IMLebanon

تجارب السقوط المدوي لقرارات مجلس الأمن

 

الدرس مكتوب بالدم على الركام في سوريا: آخر ما تتوقف عنده حسابات اللاعبين هو القضايا الانسانية برغم الصراخ حولها في العواصم. وليس استثناء من القاعدة ان يتعثّر تطبيق القرار ٢٤٠١ الذي يطلب مجلس الأمن بموجبه وقف الأعمال العدائية في سوريا خلال ثلاثين يوما. فالتجارب ناطقة في سوريا واليمن والعراق وفلسطين وليبيا وسواها. والمساكين وحدهم هم الذين يراهنون على قرارات الشرعية الدولية لحل أزماتهم. أما أصحاب القرارات، فانهم يستخفّون بها. وحين يعجز مجلس الأمن وما يسمّى المجتمع الدولي عن تطبيق هدنة انسانية موقتة في حرب تدخل هذا الشهر عامها الثامن، فان الرهانات على تسوية سياسية بموجب القرار ٢٢٥٤ هي تمارين في العبث.

 

ذلك ان قرارات مجلس الأمن تعكس واقع النظام العالمي وادارته للنظام الاقليمي. ونحن اليوم في نظام عالمي هجين ونظام اقليمي فوضوي. نظام القطب الواحد الأميركي منذ انهيار الاتحاد السوفياتي انتهى. وسعي موسكو لاستعادة نظام القطبين لم ينجح بعد في بلورته. ونظام التعددية القطبية لم يكتمل بعد برغم الموقع الاقتصادي والسياسي والعسكري الذي وصلت اليه الصين. وما تصطدم به قرارات مجلس الأمن هو أمران: أولهما خلاف أميركي – روسي يؤدي الى سقوط مشروع القرار القوي بالفيتو. وثانيهما تفاهم أميركي – روسي ينزع من مشروع القرار أنيابه ويجعل الغموض في نصّه بابا للخلاف على التفسير والتأويل، بحيث يبدو التطبيق، اذا حدث، بلا تأثير أو كأنه لم يحدث.

ثم ان اصطدام القرارات الدولية بمصالح الكبار يكتمل باصطدام آخر على الأرض: تعقيدات التضاريس الاجتماعية والسياسية والثقافية في الشرق الأوسط. سوريا استهلكت ثلاثة موفدين دوليين وعددا كبيرا من قرارات مجلس الأمن وبيانات جنيف وفيينا وسلسلة جولات في جنيف واستانا وسوتشي من دون التوصل الى تسوية أو حتى الى وقف الحرب. اليمن ينتظر موفدا دوليا جديدا بعد فشل موفدين في ضمان موافقة الأطراف على تسوية سياسية، وبالطبع بعد عجز مجلس الأمن عن وقف الحرب بفرض تطبيق قرار استند الى الباب السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

ليبيا لا تزال بعيدة عن انجاز عملية سياسية بعد اسقاط القذافي واندفاع الميليشيات الجهوية والقبلية الممولة خارجيا في التقاتل والفوضى على الرغم من القرارات والاتفاقات وتعدد الموفدين الدوليين. واللعبة أخطر عندما تتعلق القرارات بالصراع العربي – الاسرائيلي ودفع العرب الى التفاوض مع اسرائيل على الانسحاب من الأراضي المحتلة، فتحدد هي بدعم أميركي مساحة الانسحاب وثمنه الباهظ بما يقود الى تعثر التسوية.

والمفارقة هي التسليم بأن هذه التمارين في العبث هي اللعبة الوحيدة في المدينة.