يتصرّف كلّ معني بالمسؤوليّة في هذا البلد على أنّ الأمور انتهت ورحم الله الشهداء وشفى الجرحى وسيتمّ تدبير أمور إعادة الإعمار، وحلم يقظتهم أن تعيد كل منطقة دولة، والأمر الجيّد أنّ هذا التفجير الذي دمّر بيروت قد فتح أبواب الدّول في وجوههم، وربّما لو كانوا يعلمون لفجّروها «من زمان»!
من الطّريف أنّ «النّاطق» باسم حزب الله وئام وهّاب منذ وقوع الانفجار والذي يسارع إلى استباق الحال التي ستكون عليها الصورة السياسيّة فقد غرّد بالأمس «لا نوّاف سلام. لا حكومة حياديّة. نعم لحكومة وحدة وطنيّة للإنقاذ. ما ذكرناه يعني أن الكباش قد يطول والقول إن الحكومة خلال أيام كلام كلام».. باختصار هذا هو الواقع الآثم الذي تذهب إليه السلطة الحاكمة ونظرة على الإعلان عن الاجتماع الطارىء في عين التينة الذي ضم الرئيس نبيه بري والوزير السابق جبران باسيل والوزير السابق علي حسن خليل وعن حزب الله حسين الخليل ووفيق صفا يعني أنّنا أمام نفس السيناريو الذي جاء بحسان دياب وحكومته الخرقاء لتكون مجرّد واجهة أمام دول العالم وليحكم حزب الله لبنان بسلاحه وصواريخه وعنابره ومستودعاته وأنفاقه المتفجّرة!!
ما يصدم أي مواطن هو متى تتمّ محاسبة هؤلاء الرؤساء وكلّ من معهم من المتورّطين بدماء الشعب اللبناني، في قمّة المهازل في أي دولة «خنتريش» كدولتنا لا يخطر لك أن تسمع أحد أكبر الفاسدين في تاريخ لبنان حرباً وسلماً مثل وليد جنبلاط وهو «يتعنتر» ويعلن أنّه مع تعليق المشانق للمجرمين وللفاسدين متجاهلاً أنّه جزءٌ وحليف لهؤلاء الذين يريد أن يعلّق مشانقهم، حقيقةً «إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت»!
نحن أمام دولة مجرمة بكلّ مقاييس الإجرام، وليس أي أنواع الجريمة، بل الجريمة المنظّمة، دولة تستيقظ على 3 أطنان من المخلّفات الهيدروجينيّة في معمل الذوق للكهرباء فتأمر بنقلهم والتخلّص منهم بدفنهم في جرود كفرذبيان حيث ينابيع المياه التي يشرب منها الشعب اللبناني، هذه دولة مجرمة بكل المقاييس فمن لا يموت من شعبها بتفجير المرفأ فليمت بالتلوث السرطاني، هذه دولة لا تعرف كيف تتخلّص من مواد خطيرة متفجرة ومع هذا هي دولة غبيّة لا تفكّر حتى في أن تستعين بخبرة الدول الهاجمة لتقديم المساعدة للشعب اللبناني، فهل هذه دولة تؤتمن على تكرار تجارب حكومات الوحدة الوطنية «مهما كان اسمها» أو «حكومة حسان دياب»!!
﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُون﴾ [الصافّات/24] كلّهم كانوا يعرفون بالمواد شديدة التفجير في المرفأ وتلقّوا تقارير تحذّرهم من أنّ انفجار هذه المواد سيدمّر العاصمة بكاملها ومع هذا أكلوا وشربوا وناموا وحكموا، بأي عين سيواجه رئيس الجمهوريّة الشعب اللبناني وهو غارق في تناقضه فحيناً يقول «ما عندي صلاحيات للتدخل بالبور» وحيناً يقول «أنا الجنرال ميشال عون بتعرفوني بالسلم والحرب»؟! أي رئيس جمهورية يصله تقرير عن مواد خطيرة شديدة الانفجار تهدد بتدمير عاصمة الوطن الذي يحكمه فيعتبر أن موت الشعب ودمار العاصمة ليس من صلاحياته؟ لماذا لم يخاطب من هو من صلاحياته هذا الأمر، أم أنّ صلاحياته تقتصر على تعطيل تعيينات المجلس الأعلى للقضاء وفرض معمل سلعاتا بالإكراه؟ أليس مؤتمناً على حياة اللبنانيين وممتلكاتهم؟ ألا يستوجب ما حدث مجرّد مساءلته عن عدم تصرّفه إزاء الخطر المحيق بالعاصمة والمناطق المحيطة بها؟ أليْس هو من رفع شعار المسيحيين منذ عودته إلى لبنان في العام 2005؟ لماذا لم يشاهده مسيحيّو الأشرفية والرميل والجميزة يتفقّد خسائرهم في الأرواح والأموال؟ لماذا لم يخرج ليخاطب الشعب اللبناني عن الكارثة الكبرى التي حلّت بالعاصمة وضواحيها؟ لماذا لم يخرج أحد يطالبه بإطلالة متلفزة مباشرة يجيب فيها على أسئلة اللبنانيين أو الصحافة؟ علّ هذا الشعب يلتمس له عذراً ما، علّه!