Site icon IMLebanon

حقيبة متفجّرة في يد «القوات»

 

ينتظر اللبنانيون بفارغ الصبر ولادة الحكومة والمباشرة بما بات يُعرف بـ«الخطّة الإنقاذية»، في حين أنّ الآمال المعقودة على هذه الولادة ربما لا تكون بحجم التوقعات.

 

حُلّت العقدة الحكومية الأكبر والتي كانت تتمثل بحصّة «القوات اللبنانية» لتظهر بعدها العقدة السنّية وسط إصرار «حزب الله» على تمثيل سنّة «8 آذار».

 

ويرى البعض أنّ «الحزب»، وبغضّ النظر عن رغبته بتمثيل حلفائه السنّة، إلاّ أنّه لا يحبّذ أن يحظى أيُّ طرف بالثلث المعطّل لوحده حتّى لو كان حليفه، وبالتالي فإنّ تخلّي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن الوزير السنّي الذي بادله مع الرئيس سعد الحريري سيخفّض حصة الرئيس و«التيار الوطني الحرّ» من 11 وزيراً الى 10 وزراء على اعتبار أنّ الرئيس مع «التيار» لديه 9 وزراء مسيحيين ووزير سنّي ووزير درزي سيختاره الرئيس من بين الأسماء التي عُرضت عليه.

 

وبالنظر الى حصّة «القوّات اللبنانية»، فقد نالت وزارات العمل (كميل شاكر أبوسليمان)، الشؤون الاجتماعية (ريشار قيومجيان)، الثقافة (مي شدياق) إضافة الى منصب نائب رئيس الحكومة بلا حقيبة (غسان حاصباني).

 

وساد رأيٌ داخل «القوات» وخارجها بأنّ هذه الوزارات، وعلى رأسها وزارتا العمل والشؤون الإجتماعية، توازي بأهمّيتها الوزارات السيادية والأساسية لأنها وزاراتُ الشعب لا وزارات الأرستقراطيين وأصحاب المصالح والطبقات المخملية، وبالتالي فإنّ باب العمل والإنجاز فيهما كبير جداً.

 

وتضع حقيبة العمل «القوات» أمام تحدّيات كثيرة خصوصاً أنّ الشعب يتوق الى إصلاحات في هذه الوزارة، وفي المقابل فإنها قد تتحوّل الى قنابل متفجّرة قد تنفجر في وجهها في أيِّ لحظة.

 

وتأتي «القوات» الى هذه الوزارة، والعمّال الأجانب وعلى رأسهم السوريون قد غزوا سوق العمل اللبناني، في وقت إستغنى ربُّ العمل اللبناني عن العامل الوطني وإستبدله بالسوري، وهنا تكمن المشكلة الجوهريّة.

 

ويُعتبر هذا الملفّ من التحدّيات الأساسية والمهمّة التي أرهقت الشعب، فاللبناني بات نازحاً في وطنه، والصرخات تتعالى منذ 7 سنوات تقريباً بضرورة تحرّك وزارة العمل وأجهزة الدولة من أجل حماية العامل الوطني.

 

وفي السياق، يمكن فصلُ العامل السوري القانوني الذي يدفع الرسوم والذي يعمل في لبنان منذ ما قبل إندلاع الثورة السوريّة عن النازح الذي يعمل ويخالف القانون، حيث تسقط صفةُ النازح عنه عندما يمارس مهنة، ويتحوّل الى مهاجر خصوصاً أنّ المنظمات الدولية وهيئات الإغاثة تساعده، بينما لا أحد يساعد الشعب اللبناني المضيف.

 

ويضع ملفّ تنظيم عمالة الأجانب وعلى رأسهم ضبط عمالة النزوح السوري «القوات» أمام تحدٍّ جدّي وربما تاريخي، قد تنجح به أو تفشل، لكنّ الأساس هو المحاولة وعدم الإستسلام للواقع.

 

ويرى البعض أنّ نجاحها في إدارة هذا الملف وإيجاد الحلول الممكنة ستكون له إرتدادات إيجابية على كل شرائح المجتمع، إذ لا يكفي إصدارُ قراراتٍ بتنظيم العمالة الأجنبية بل إنّ الأساس هو ملاحقة تطبيقها والرقابة على المؤسسات التي تخلّى قسمٌ منها عن الحسّ الوطني ولحق الربح المادّي.

 

وبغضّ النظر عن الفائدة الإقتصادية من مثل هكذا قرارات وارتدادتها الإيجابية على الشعب، فإنّ هذه الخطوات تُعتبر خطواتٍ سيادية في الدرجة الأولى، وقد تشكّل عاملاً مهماً في تطويق بعض ذيول أزمة النزوح التي تضرب الوطن، إذ لا توجد دولة في العالم ترضى بأن يعمل النازح، ويبقى أبناؤها بلا عمل ويتشرّدون في أصقاع العالم باحثين عن لقمة عيشهم ويردّدون مقولة إنّ «السوري أكلنا».

 

ولا يعارض أيُّ لبناني كائناً مَن كان الإصلاح في وزارة العمل لأنها تُعتبر من الوزارات المتصلة بالشعب، وهنا لا بد من الإشارة الى أنّ «القوّات» أمام تحدٍّ جديد في موضوع الضمان الاجتماعي الذي يدخل في سلّم أولويات المواطنين مع تكاثر الأمراض وانتشارها.

 

وإذا كان جمهورُ «القوات» واللبنانيون يستعيدون دائماً الفترة الممتدة من إنتخاب الرئيس بشير الجميل في 23 آب 1982 حتى تاريخ إستشهاده في 14 ايلول، وكيف سارت إداراتُ الدولة وسارع الموظفون الى عملهم، فإنه تنتظر «القوات» مهمّة صعبة في هذه الوزارة، خصوصاً أنّ اللبنانيين يُذلّون على أبواب الضمان الإجتماعي وينتظرون «طوابير» لساعات.

 

ومن أبرز تلك الخطوات ربما تكون مكننة الضمان، واستحداث مراكز جديدة وحديثة، ودفع مستحقات المرضى في وقتها وعدم إنتظار مدة أشهر، فالوضع المعيشي صعب إذ لا يمكن للمواطن شراء هذه الكميات من الأدوية، وينتظر مثلاً 6 أشهر لاسترجاع جزءٍ من أمواله، وبالتالي فإنّ هذه المهمة من المهمات الأساسية التي ينتظرها الشعب من «القوّات».

 

وقد تكون إحدى أهم المهمّات الأساسية التي تنتظر «القوات» أيضاً وتحتاج الى قرار كبير هي تطبيق ضمان الشيخوخة، إذ كفانا معاناة طويلة من الذلّ والموت على أبواب المستشفيات، خصوصاً أنّ الضمان يتوقف عندما يتقاعد الموظف ويتخطّى الـ64 عاماً، أي في العمر الذي يحتاح فيه لضمان صحيّ، ومعروف كم أنّ فاتورة الإستشفاء مرتفعة في لبنان، لذلك فإنّ المباشرة بهذه الخطوة أكثر من ضرورية خدمة للشعب.

 

قد نحتاج الى مجلدات لتعداد المهمات المطلوبة من وزارة العمل، لكنّ هذه الملفات الحسّاسة والضرورية من الأمور النافرة والملحّة التي تحتاج معالجة، مع العلم أنّ حزبي «البعث» و»السوري القومي الاجتماعي» كانا يسيطران على تلك الوزارة وساهما في استحداث نقابات والسيطرة على الاتحاد العمالي العام الذي يجب أن يشكّل عصب المجتمع لا أن يكون تابعاً للقوى السياسية.

 

إذاً المطلوب كبير جدّاً من «القوّات» في وزارة العمل وغيرها وحجم الآمال أيضاً كبير، لكن في المقابل لا يمكن أن يتوقّع أحدٌ أنه بين ليلة وضحاها يحصل التغيير نظراً الى الواقع المذري المسيطر منذ ما بعد انتهاء الحرب، لكن في المقابل فإنّ مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة.