IMLebanon

متفجرة صيدا  

 

يتعذّر تحديد الجهة التي تقف وراء التفجير المستنكر جداً والمدان جداً الذي إستهدف، أمس في صيدا، مسؤول العمل الخاص في حركة «حماس» في لبنان محمد حمدان أبو حمزة الذي نجا بأعجوبة وتبيّـن أن إصابته ليست قاتلة، علماً أن العبوة قدرت بنحو 500 غرام من المواد المتفجرة قد إنفجرت وكانت مركونة تحت مقعده (مقعد السائق)… ومثل هذه الكمية كفيلة بتحقيق أهدافها المجرمة في مجموعة أشخاص وليس في شخص واحد. فالحمد للّه أن الرجل المستهدف نجا من هذه العملية الأثمة التي نأمل أن يتوصل التحقيق الى هتك أسرارها وكشف منفذيها العملاء وإتخاذ الإجراءات الضرورية في حقهم، وإنزال أشد العقوبات.

 

من «الطبيعي» أن توجه «حركة المقاومة الإسلامية» («حماس») الإتهام الى العدو الإسرائيلي. فلإسرائيل الباع الطولى في هكذا عمليات إرهابية، وهي سبق لها أن مارست هذا الإجرام الإرهابي مرات ومرات خصوصاً باستهدافها القيادات الفلسطينية سواء أكانت قيادات وطنية أم قومية أم دينية أم مدنية، وبينها قيادات من حماس. والأمثلة في هذا المجال أكثر من أن تحصى، والقيادات التي سقطت في عمليات إرهابية مماثلة بعضها من التاريخيين الذي طبعوا المرحلة الماضية بطابعهم. بل إنّ الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، شخصياً، إنضم الى قافلة الشهداء بعدما ثبت أنه قضى مسمّماً له على يد المخابرات الإسرائيلية، ولم تكن وفاته ناجمة عن تقصير طبيعي جراء التقدم بالعمر والإهتزاز في الصحة.

ومع ذلك قد يكون أيّ قيادي لحماس مستهدفاً من قبل الإسرائيلي ولكن قد يكون، أيضاً، مستهدفاً من أطراف عديدة. فمواقف حماس التي عُرفت بالذبذبة في السنوات الأخيرة ترجح بضع خيارات وتشير الى بضع جهات مشبوهة… طبعاً وتكراراً وتأكيداً على أنّ التوجه بإصبع الإتهام الى العدوّ الإسرائيلي هو توجه سليم الى أن يثبت العكس.

ويهمنا في المقابل أن نغتنم هذه المناسبة المؤسفة، إنطلاقاً من العملية النكراء التي ندينها بقوة، لنلقي نظرة على الملف الفلسطيني في لبنان إستناداً الى الملاحظات الآتية:

الملاحطة الأولى – إنّ اللجوء الفلسطيني الى لبنان، وبعد 70 سنة من موجته الأولى، مازال يشكل واحدة من أكبر الأزمات في تاريخ هذا الوطن، تاريخه القديم وتاريخه الحديث، مع ما رافق هذا التاريخ من أضرار وآلام وحتى من المآسي والفواجع، بل والكوارث، وبالتالي يجب التوصل الى وضع أمني يضبط الوجود الفلسطيني في المخيمات ويكون مرفقاً، بالضرورة والواجب، بتسوية الوضع الإنساني والإجتماعي والحياتي للاجئين.

الثانية – التأكيد على أن المخيمات الفلسطينية في لبنان ليست جزراً قائمة بذاتها، إنما هي في المبدأ والتفاصيل مناطق تجمعات سكنية لبنانية الهوية يقطن فيها إخوة فلسطينيون، لم يعرفوا الهناء مرة واحدة، منذ أن تخلّت الدولة اللبنانية (أو أُجبرت على التخلّي) عن مسؤولياتها وواجباتها تجاه أولئك اللاجئين، وإيكال أمرهم الى قياداتهم متعددة الإنتماءات والولاءات والأهداف و…

الثالثة – إنّ السلطة الفلسطينية في فلسطين المحتلة (رام اللّه) أبلغت الى لبنان مباشرة وعبر ممثليها المتعاقبين في هذا البلد، أنها تطلب بإلحاح إخضاع المخيمات الى السلطة اللبنانية الشرعية… وكررت هذا الطلب… فعسى يكون هذا الخرق المُدان الذي حصل، أمس، مدخلاً لتلبية الطلب الفلسطيني الشرعي.