IMLebanon

«متفجّرة الضاحية».. مَن وراءالترويج و«الترويع»؟

انتشر أمس عبر مواقع التواصل الاجتماعي والهواتف النقالة، خبر يدعو أهالي الضاحية الجنوبية إلى أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر كون «سيارة اسعاف نوع فيات بيضاء اللون تحمل الرقم920902، تمكنت من تخطي نفق المطار باتجاه الضاحية« وبأنها محملة بمواد متفجرة.

الخبر بحد ذاته أحدث بلبلة في صفوف اللبنانيين عموماً وسكان الضاحية الجنوبية بشكل خاص، وهم الذين لم ينسوا لغاية اليوم الأرواح التي سقطت في الماضي من جراء موجة السيارات المفخخة والإنتحاريين، التي طالت مناطقهم وأحياءهم وحصدت منهم أبرياء لا شأن لهم في كل هذا الصراع الدائر. وما زاد الأهالي خوفاً، تلك الإجراءات الأمنية التي يتخذها «حزب الله» منذ اسبوع تقريباً بحيث يُخضع في كل يوم من الساعة الرابعة من بعد الظهر ولغاية موعد الإفطار، جميع السيارات العابرة باتجاه الضاحية، لتفتيش دقيق، الأمر الذي أوجد حالة من الخوف لدى الناس الذين بدأوا يستعيدون في هذه الفترة زمن «الأمن الذاتي».

وكأن الضاحية الجنوبية تنقصها أزمات إضافية، فالجميع بالأمس كانوا يدعون لأن تكون «الخبرية» مُفبركة من أساسها، حتّى أنهم تغاضوا عن الإرتكابات والمُضايقات التي تنفذها العناصر الحزبية على الحواجز وتحديداً عند خط المشرفية.

«حزب الله« بالأمس كان في أقصى حالات التأهب، أو هكذا أراد أن يوحي للناس. درّاجات نارية كانت تجول بين الأحياء لا يخرق ضجيج محركاتها سوى الأصوات التي تُسمع عبر الأجهزة اللاسلكية، واللافت أن معظم هؤلاء العناصر، لا تتعدى اعمارهم العشرين عاماً، وللمعترضين على ازدحام السير وعلى الاطفال العالقة داخل السيارات، إجابة واحدة من «الحاج» المسؤول عن الحاجز: «الشباب مش عم يلعبوا، هني مكلفين بحماية الضاحية وحمايتكن». لكن اياً من هؤلاء، لم يجرؤ على سؤال العناصر عن الجهة التي جلبت هذا الخوف إلى الضاحية وحوّلتها إلى نقطة استهداف متكررة.

اختلطت المعلومات المتعلقة بالسيارة التي ينوي سائقها تفجيرها في الضاحية، ففي حين تحدث البعض عن لونها ونوعها فقط، راح البعض يؤكد أنها تابعة لمؤسسة الصليب الأحمر اللبناني، فما كان من المؤسسة إلا ان أصدرت بياناً قالت فيه: منعاً للتمادي في تناقل هذا الخبر وللحد من تداوله بما تضمنه من عدم صدقية وإساءة، فإن الصليب الأحمر اللبناني ينفي أية صلة له بسيارة الإسعاف في الخبر المنشور، ويهيب بجميع وسائل الإعلام على اختلافها توخي الدقة في نشر الأخبار ومضمونها وإتباع الأصول التي تحكم العمل الإعلامي، وبالتالي يطالب بعدم زج اسم الصليب الأحمر اللبناني في هكذا أخبار أو غيرها مما يؤدي إلى الأثر السلبي على المصلحة العامة ومما يعيق العمل الإنساني والإسعافي والخدمات الإنسانية التي تقدمها الجمعية على كامل الأراضي اللبنانية ومما يلحق الضرر المعنوي بسمعتها وبصورتها«.

بعد ساعات على تداول خبر السيارة التي دخلت الضاحية والذي ترافق مع معلومات تحدثت عن استنفار كثيف لعناصر «حزب الله» عند بعض مداخل الضاحية وفي منطقة الأوزاعي، تنبه البعض إلى فرضية ان يكون الحزب هو نفسه وراء بث هذه الإشاعة لأسباب تتعلق بتحويل الانظار عن التطور الكبير الذي حصل في سوريا خلال الأيّام القليلة الماضية والتي خسر خلالها ما يُقارب الخمسين عنصراً في أقل من اسبوع واحد في ريف حلب، وهي ليست المرة الأولى التي يُحاول فيها «حزب الله» حرف أنظار جمهوره عن الخسائر التي يتكبدها في سوريا، إذ سبق أن فتح معارك سياسية عدة من أجل هذا الغرض بدءاً بحملة مكافحة «الفساد» مروراً بشبكة الدعارة وشبكة الانترنت، ووصولاً الى «معركة» الإنتخابات البلدية وتجييشه المذهبي بالإضافة إلى اللعب في ملف رئاسة الجمهورية والإنتخابات النيابية و»دوائرها».

بغضَ النظر عن صحة المعلومات المتعلقة بسيّارة الإسعاف المذكورة، ثمة أمر مؤكد وهو أن ماكينة «حزب الله» الأمنية والاعلامية، بدأت تواكب أزماته في سوريا وبدأت تتحضر بشكل اكبر للمرحلة المقبلة خصوصا في ظل الحديث عن فتح معركة «دير الزور» قريباً. فبعد خسارة الحزب الكبيرة في ريف حلب، توجه إعلامه إلى جمهوره وبيئته ليقول بأن «القوّات الخاصة» في «حزب الله»، تمكنت من استعادة السيطرة على جميع المناطق التي خسرها الحزب منذ ايام وبأنها تمكنت من اسر شخصية كبيرة من المعارضة السورية سوف يتم الاعلان عنها قريبا. أمّا في ما يتعلق بماكينته الأمنية، فيبدو انها بدأت تنشط بكثافة وتحديداً لجهة الشق المتعلق بأمن الضاحية بهدف حرف أنظار الأهالي عن الحرب الدائرة في سوريا وعدم تمكّن الحزب حتى اليوم من الخروج من هذا المُستنقع، ولا حتّى الإعتراف بخسائره دفعة واحدة ومن دون مواربة.