قبل مئة سنة بالتمام والكمال أقيم المعرض الدولي في بيروت. كانت البلدية اعدت في العام 1915خطة لربط اسفل المدينة بحرجها ثم جاءت الحرب العالمية الأولى. نفّذ الفرنسيون المشروع معدلاً وبنوا شارعاً يمتد من ساحة النجمة صعوداً الى كنيسة مار جرجس سيحتضن اول معرض دولي في عاصمة لبنان الكبير.
عند الاحتفال بمئوية الدولة كان الخراب قد اكتسحها. لم ينفع الحضور الرئاسي الفرنسي في تجديد معنى المئوية، والمكلفون بحفظها اختاروا بديلاً هو النهب المنظم للدولة والدوس على سيادتها. باختصار قاموا بتخريب منهجي لمشروع فريد في معناه ومضمونه هو لبنان السيد الديموقراطي المستقل.
على بعد ثلاث ساعات بالطائرة، الى الشرق مما تبقى من شارع المعرض، نقل محمد راشد آل مكتوم اعجابه ببيروت الى مدينته دبي. لم يُخف حاكم الامارة أسفه على عاصمة كانت منارة، ركّز جهوده على مدينته وبلده وها هي الامارات تضيف انجازاً عالمياً جديداً الى سلسلة منجزاتها.
في عام واحد أوصلت مسباراً الى المريخ وجهزت المعرض الدولي الذي يقام مرة كل خمس سنوات وافتتحت احتفالات الذكرى الخمسين لقيام الدولة الموحدة في ما يشبه تكريماً للمناسبة بمراكمة النجاحات.
والمعرض (اكسبو دبي 2020) الذي اتيحت لنا زيارته قبل افتتاحه الرسمي انجاز بحد ذاته. انه يشبه المدينة نفسها في توسعها وعمرانها وقضمها للصحراء.
دبي الامارة التي تنمو في الرمال قضمت 437هكتاراً إضافياً منها لتبني مدينة جديدة تؤمن نصف حاجتها من الكهرباء بواسطة الطاقة المتجددة في الموقع نفسه. ومدينة المعرض هذه ستستوعب اجنحة نحو مئتي دولة في سوق دائري، بين ميناء جبل علي ثالث أكبر موانئ العالم استيعاباً ومطار آل مكتوم الحديث وعلى منتصف الطريق الى ابوظبي العاصمة.
ايران خصصت 9 ملايين دولار لجناحها الذي سيسلط الضوء “على التعايش السلمي وإبراز الحضارة الايرانية القديمة وطقوسها” ، واسرائيل ستحضر بجناح سعت ليقرّبها من مناخات المنطقة التي تصر على كونها تشكّل جزءاً منها، وفي مدن الزجاج يلتئم العالم ليوفر “تواصل العقول وصنع المستقبل” وهو الشعار الذي اختارته الامارات لمعرضها الدولي.
بدا معرض 1921البيروتي موغلاً في زمن مقتول، ولولا تبرع الامارات بثلاثة ملايين دولار لبناء الجناح اللبناني، وتطوع شلة من المقاولين اللبنانيين لانجاز العمل، لكان لبنان غائباً ومتقوقعاً في ذكريات شارع المعرض المهجور على مدخل مجلس نوابه المقفل.