لم يشكّل تسويق التفاهم المسيحي بين «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية» نزهة مريحة لـ «المبشّرين» به في كامل بلديات وقرى قضاء بعبدا. فقد تعثّر في بعض البلديات وحلّ كـ «شربة ماء» في أخرى.
باكرا جدا ارتاحت الرابية ومعراب من «وجع الرأس» في الحدت فاستغنت عن مفاوضات لا طائل منها وتحضّر الجميع لمعركة عونية قواتية بامتياز على أرض غالبا ما شهدت حساسية بالفطرة بين الحزبين. وفي بعض البلديات لجأ الحليفان الى «ديبلوماسية» ترك الحرية للناخبين في الاختيار تهرّبا من التزامات انتخابية علنية قد ترفع «المتاريس» البلدية بينهما!
تحمل غالبية بلدات القضاء «بصمة» الثنائي المسيحي في مواجهة اللوائح المنافسة مع احترام متبادل لخصوصية بعض المناطق ذات اللون الحزبي الطاغي. حيث الارض لـ «العونيين» يزيح القواتيون من الدرب، وحيث الارض لـ «القواتيين» يخلي «البرتقاليون» الساحة لحلفائهم المستجدين.
من معالم التنسيق الفعّال بين الفريقين المسار الذي سلكته مواجهة أريد لها أن تكون سلّة واحدة على خط الحازمية – فرن الشباك – الشياح، فإذا بها تسلك ثلاثة خطوط منفصلة. نجح التوافق في الشياح فصعدا معا الى «بوسطة» أدمون غاريوس، وسقط في الحازمية وفرن الشباك، لكن هذا الواقع لم يؤد الى زرع «الفتنة البلدية» بين الحليفين المسيحيين بحيث أوجد الفريقان التوليفة الممكنة لعدم التصادم والمواجهة المباشرة.
يقول منسّق هيئة قضاء بعبدا في «التيار الوطني الحر» ربيع طراف «أول لقاء حصل مع رئيس بلدية بعبدا ريمون سمعان وكان هناك رفض كبير من قبله للحضور الحزبي ضمن اللائحة. ثم توالت الاجتماعات مع كل من أدمون غاريوس الذي أبدى إيجابية واضحة، فيما لم تنجح المساعي أيضا مع رئيس بلدية الحازمية جان الاسمر». أما الوقائع، ووفق طراف نفسه، فقد كانت «أصعب من أن يتمّ تجاوزها في الحازمية وفرن الشباك حيث إن ما عرض علينا لم يكن مريحا ولا يتناسب مع حجمنا الفعلي». ويشير إلى أن «المقاربة السليمة التي تمّ اعتمادها في الشياح هي التي دفعتنا الى فكّ الارتباط وفرز السلّة الثلاثية، حيث تمّ التعاطي معنا في الشياح بإيجابية ومنطق بلدي سليم وتطويري وليس بمنطق ان البلدية هي كأملاك خاصة وثمّة من يريد أخذ حصة فيها كما فعل سمعان والأسمر».
في الوقائع، تمكّن القواتيون في الشياح من تحسين شروط وجودهم في المجلس البلدي (18 عضوا) بحصولهم على خمسة مقاعد والعونيون في حجز حصة مقبولة قوامها أربعة أعضاء مع رفض إشهار الفيتو بوجه أي اسم يختاره «التيار»، وهذا ما يوازي نصف الحصة البلدية تقريبا. وحتى اللحظة لا تزال المفاوضات قائمة ضمن «البيت البرتقالي» لتحديد اسماء المرشّحين نهائيا.
ويتركّز العمل جديا في الشياح لانتخاب اللائحة بالتزكية، خصوصا ان لا مؤشّرات لنواة لائحة منافسة. ومنذ البداية أبدى غاريوس، صهر ميشال المر، انفتاحا ملحوظا في التفاعل مع واقع التفاوض العوني القواتي المشترك ومحاولة تكريس الوجود الحزبي في لائحة كانت تضمّ محازبين قواتيين فقط وليس عونيين، فيما الحضور «البرتقالي» انحصر ببعض المؤيّدين المقرّبين من أدمون غاريوس.
حاول طراف وجوزف أبو جودة، مسؤول منطقة بعبدا في «القوات»، إقناع كل من الاسمر وسمعان بأن التمثيل الحزبي «هو من أجل مزيد من التفاعل وتطوير العمل البلدي، وبأن البطاقة الحزبية لا تلغي الصفة العائلية»، والأهمّ كما يقول طراف «أن آلية المحاسبة متوافرة لدينا داخل الاحزاب يمكن استخدامها في أية لحظة، فيما سيستفيد أي عضو آخر من ست سنوات في عمله البلدي قبل أن تقرّر عائلته محاسبته عند فتح صناديق الاقتراع مجددا». بنتيجة المفاوضات «لم يمش الحال» بين التيار والاسمر، فيما كان موقف «القوات» واضحا بعدم خوض معركة ضده.