أين الدنيا؟
وأين نحن في هذا البلد؟
السياسة العالمية تتبدَّل وتتسارع وحتى القادة العالميون يحاولون اللحاق بها وبنتائجها، فيما نحن غافلون لا نتنبَّه إلا لصغائر السياسات التي يخجل الهواة في مقاربتها.
***
إسرائيل تخالف كلَّ التوقعات والدراسات والإستطلاعات فتُعطي نتائج إنتخاباتها التشريعية الفوز بالأكثرية لحزب الليكود، فيما كل الإستطلاعات كانت تتحدَّث عن هزيمته أو في أحسن الأحوال تعادله مع خصمه، عرب 48 يتوحَّدون فيحصدون 14 نائبا بما يتيح لهم أن تكون لهم كلمة مسموعة في الكنيست الإسرائيلي. الرئيس الأميركي باراك أوباما واقعٌ في دوامة، فبنيامين نتنياهو العائد بانتصار كبير كان تحدَّاه في عقر داره فذهب إلى الكونغرس وخاطب الشعب الأميركي وحصد منه وعداً بأنَّ أيَّ إتفاقٍ أميركي – إيراني على الملف النووي الإيراني يجب أن يحمل توقيع الكونغرس الجمهوري لا الرئيس باراك أوباما الديمقراطي وحده.
***
العالم يتغيَّر، والتطورات تتسارع، فأين نحن؟
إلى متى سنبقى نتلهَّى بالقشور وبالمماحكات؟
إلى متى الصغائر تتقدم على القضايا الكبرى؟
هناك عيِّنات من القضايا التي تُظهِر أنَّ إنشغالات الناس في وادٍ وانهماكات السياسيين وإلهاءاتهم في وادٍ آخر.
من هذه العينات أنه غداً تنتهي ولاية مدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد أدمون فاضل. فهل يُترَك هذا المركز الأمني الأول في البلد شاغراً أم يجري التمديد للعميد إدمون فاضل على رأس هذه المديرية أساساً لأنه يستحق؟
وفي غياب التوافق على إسمٍ يخلفه أو في غياب رئيسٍ للجمهورية حيث العرف والتقليد يشيران إلى أنَّ الرئيس الجديد يوضَع في جو الإسم الجديد ولا يُفرَض عليه فرضاً.
لماذا النقاش؟
مدِّدوا بكلِّ جرأةٍ للعميد فاضل على رأس مديرية المخابرات فهذه الخطوة تُريح الوضع العام وتعزز الإستقرار وتبعث الطمأنينة في النفوس. ثم مَن هم المعترضون على التمديد؟
أليسوا هُم أنفسهم الذين تمَّ التمديد لهُم ومشوا فيه؟
لماذا لم يعترضوا على التمديد لأنفسهم؟
وإذا قالوا إنهم اعترضوا فكيف ترجموا هذا الإعتراض؟
لماذا لم يستقيلوا من كراسيهم ليشكِّلوا حالة ضغط لإجراء الإنتخابات؟
***
ما هكذا يُكافأ العميد إدمون فاضل، هذا الرجل راكَم خبراته لمصلحة المؤسسة العسكرية فكان مثال المناقبية، كما أظهر بلاءً حسناً في أدائه، فهل يستكثِر عليه البعض أن يُمدَّد له ليُبقي خبرته في تصرف البلد؟
لو كان الأمر عائداً للعميد فاضل لكان فضَّل أن يخرج ليرتاح بعد عقودٍ من الخدمة لكنَّه على ما يبدو يؤثِر ما يُطلَب منه خدمةً للمؤسسة العسكرية واستطراداً خدمةً للأمن القومي وللوطن، فهل يُقال له غير شكراً؟
لنكافأ العميد فاضل كما غيره من القادة الأمنيين والعسكريين، وابتعدوا عن هذا الأسلوب الذي يُضرُّ بمعنويات الجيش في أصعب الظروف، دعوه يقوم بواجباته، لا تضعوا أيديكم على خياراته كما وضع أحدهم إسمه، عنوةً، على جادة الجيش اللبناني الباسل.