لا يمكن لأحد أن ينكر أن لبنان بلد طائفي لا بل مذهبي بامتياز أو لنقولها بصراحة طائفي ومذهبي «حتى العظم». فالرئاسات الثلاث مقسّمة مذهبياً، كذلك الأمر بالنسبة لمجلس الوزراء وللمجلس النيابي. صحيح أنّ بعض النواب يأتون بأصوات ناخبين من غير طوائفهم وهذا أمر غير صحّي خاصة بالنسبة لأكثرية النواب المسيحيين في الجبل والجنوب والشمال والبقاع. الأمر مماثل بالنسبة للمدراء العامين وحتى موظفي الدرجة الثالثة والرابعة… حتى أنّ الأجهزة الأمنية مقسمة مذهبياً.
أضف إلى حال الطائفية والمذهبية ان أغلبية المدارس الخاصة كاثوليكية ومن غير مذاهب أيضاً، كما ان أغلبية النقابات والأندية الرياضية وحتى العطل الرسمية… والأهم من كل ذلك حالة المذهبية في نفوس المواطنين وهي نتيجة الوصاية السورية ما بعد الحرب الأهلية وممارسات المسؤولين منذ إتفاق الطائف وحتى الأن.
تقول أوساط التيار الوطني الحر أن لبنان لن يكون علمانياً قبل عشرات السنوات في حال توفرت الإرادة الداخلية وإرادة الدول الخارجية كما لن يتم إلغاء الطائفية السياسية كما ذكر البند «ز» من دستور الطائف وأكبر برهان على ذلك أنهُ مضى 27 سنة على الطائف ولم تلغ الطائفية السياسية والسبب بسيط أنهُ «يجب إلغائها من النفوس قبل إلغائها عبر النصوص» كما قالها يوماً النائب وليد جنبلاط.
تتابع أوساط التيار أنّ مشروعنا الأساسي هوالقانون الأرثوذكسي الذي لا يناسب الكثير بسبب تحجيم كتلهُم النيابية خاصة تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي اللذان تضم كتلهما النيابية العديد من النواب المسيحيين المنتخبين من الدروز والسنّة ويأتمرون بسعد الحريري وبوليد جنبلاط فيما في المجلس النيابي الحالي هنالك حوالى 30 نائباً مسيحياً منتخبون من المسيحيين. وأكدت الأوساط أنّ التيار والقوات لن يسيرا بقانون لن يأتي على الأقل بـ 50 نائباً مسيحياً منتخبين من المسيحيين. وأكدت الأوساط أن مشروع الوزير جبران باسيل الأخيرالذي أدخل عليه الأرثوذكسي فيراعي التمثيل المسيحي الذي هو حق مشروع وليس منة من أحد كما يراعي حقوق بقية القوى السياسية والطائفية مع العلم أن باسيل فتح مجال أمام بعض التعديلات في مشروعه.
أمّا إذا لم يُتفق على مشروع قانون قبل 19 حزيران يقول وزير سابق أنهُ لا يمكن الكلام عن تمديد تقني لأن هكذا تمديد يفترض أن يكون قد إتُفِق على قانون إنتخابي قبل 19 حزيران، يمكن خلاله إجراء انتخابات نيابية على أساسهُ بعد ثلاثة أشهُر من تاريخ 19 حزيران وإلا نحن ذاهبون إلى تمديد مفتوح قد يستمر لبضعة سنوات.
أمّا الحل الثاني فيكون بالذهاب إلى تمديد لثلاثة أشهر غير تقني على أنه بعد التمديد يجرى في مجلس النواب انتخاب قانون بين الـ 18 قانوناً رغم أنّ هذا الأمر صعب جداً في ظل الديموقراطية التوافقية السائدة في لبنان.
ولوحظ اخيراً تراشق بين النواب والوزراء حول إقرار قانون انتخابي، ففيما صرح الرئيس الحريري في البيان الوزاري أن مهمة حكومتهُ الأولى هي إنجاز قانون إنتخابي بدعم من كل الأفرقاء وعلى رأسهم رئيس الجمهورية ها هي الحكومة تتنصل من مسؤوليتها الأولى وترمي الكرة عند الرئيس بري والمجلس النيابي.
ويقول مرجع نيابي أن لا مجلس الوزراء ولا المجلس النيابي قادران على إقرار قانون إنتخابي لسبب بسيط أن كل زعيم يفتش على مصالحهُ ومصالح طائفتهُ وفي ظل الديموقراطية التوافقية وكل زعيم لهُ حق الفيتو على أي قانون لا يراعي مصالحهِ، من هنا بدأ الحديث عن مؤتمر تأسيسي يرفضهُ تيار المستقبل ويفضل المسيحيون تعديل دستور الطائف يعيد بعض الصلاحيات إلى رئيس الجمهورية، ويؤكد هنا مصدر قريب من بعبدا أنّ الرئيس ميشال عون سيوفد فريق عمل سياسي إلى دول القرار لإقناعهم بجدوى تعديل الدستور وإعادة بعض صلاحيات رئاسة الجمهورية خاصة وأن ظروف إقرار إتفاق الطائف 1989 تغيرت جذرياً.
ويبقى أن ننتظر ما سينتج عن جلسات مجلس النواب يومي الخميس والجمعة وما مصير الموازنة في ظل تشنج عميق لدى الوزراء والنواب رغم أن الموازنة لم تكن الأولوية بل قانون الإنتخاب فكما قال النائب محمد رعد لا للتمديد ولا للستين ولا للفراغ فما هو الحل إذاً إذا كانت الأغلبية ترفض قانون حزب الله بالنسبية الكاملة؟
المرجع النيابي يؤكد أن لبنان أمام محنة لا سابقة لها وأنهُ إذا لم يتم مراجعة الشعب اللبناني مصدر السلطات الأول في انتخابات نيابية قريبة سيتحمل الزعماء السبعة مسؤولية ردة فعل شعبية لن تُحمد عقباها ومن يراجع تاريخ الثورات السياسية والاقتصادية والعقائدية يفهم أنّ الشعب وخاصة الشباب يمكنهم أن يقلِبوا أنظمة مستبدة خاصة إذا كان الوضع الاقتصادي في وضع إنكماش خانق وفي ظل فراغ برلماني حيث سيتوقف التشريع كلياً ما سيأخذنا إلى مؤتمر تأسيسي يرفضهُ السنة والمسيحيون.