Site icon IMLebanon

التمديد أولاً… ثم القانون؟

ظاهر المواقف يوحي بوجود نيّة جدّية لإقرار قانون انتخاب جديد في وقتٍ ليس ببعيد، ولكنّ باطنها يوحي بعكس ذلك لأنّ لكل فريق سياسي مشروعه الانتخابي الذي لا يلتقي مع الآخر، ما يستوجب التقريب بين المشاريع وهذا ليس بالأمر السهل حتى الآن، ما جعل التمديد للمجلس خياراً أولاً لتلافي الفراغ..

ما بدا من خلال مجلس الوزراء دلّ على أنّ المسؤولين «جادون جداً» في إنتاج قانون انتخابي جديد، إذ إنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري أكدا إصرارهما على هذا الأمر ولو اقتضى عقد جلسات مفتوحة للمجلس الى حين إقرار قانون الانتخاب العتيد.

لكن عند غوص مجلس الوزراء بالبحث في هذا الملف طرح كل فريق سياسي تصوره لقانون الانتخاب، فجاءت التصورات متناقضة لا جامع مشتركاً في ما بينها، وهي راوحت بين قانون انتخاب يعتمد النسبية الكاملة وقوانين متنوعة مختلطة بين النظامَين الأكثري والنسبي، ما استدعى تأليف لجنة وزارية كُلِّفت صَوْغ تصور مشترك للقانون الانتخابي أعاد الى الأذهان حكاية القانون الانتخابي المضنية مع اللجان الوزارية والنيابية الفرعية وغير الفرعية، وكذلك مع اللجان النيابية المشتركة منذ انتخابات العام 2009 وحتى الآن، خصوصاً أنّ مقولة «اللجان مقبرة القضايا» لم تبق في لبنان مجرد مقولة تردّدها الألسن، بل تحولت مقبرةً فعلية لهذه القضايا في غالب الأحايين.

على أنّ «جدّية» عون والحريري التي نغّصها التناقض في الطروحات الانتخابية خلال جلسة مجلس الوزراء استأنست الى حدٍّ ما بما دار في اللقاء مساء أمس الأول في بعبدا بين رئيس الجمهورية ووفد حزب الله الرفيع المستوى والذي تناول قانون الانتخاب العتيد استناداً الى التفاهم القائم بين الطرفين منذ حتى ما قبل انتخابات رئاسة الجمهورية حول ما ينبغي أن يكون عليه القانون الانتخابي.

لكنّ هذا اللقاء الذي كان خلاله عون مستمعاً أكثر منه متكلّماً تولّى النقاش فيه الوزير جبران باسيل مع وفد الحزب، لم يتوصل الى نتائج عملية واتفق الطرفان على استكمال التشاور في أفكار مختلفة وعلى رأسها النسبية، فيما بدا أنّ حظوظ صيغة القانون المختلط الذي طرحه باسيل وغيرها من الصيغ المماثلة تراجعت الى الحدود القصوى.

وفُهم من أجواء اللقاء أنّ وفد حزب الله أبلغ الى باسيل تمسّكه بملاحظاته على مشروعه المختلط الذي طرحه أخيراً، ووضع أمامه خيارات موسّعة حول النسبية الكاملة بصيغ مختلفة للدوائر التي تراوح بين الدائرة الواحدة والدوائر الكبرى (أي المحافظات) والدوائر الوسطى أي مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ذي الـ 13 دائرة. وإذ ردّ باسيل على الوفد أنه متمسك بمشروعه، ردّ الوفد مؤكدا تمسّك «الحزب» بملاحظاته عليه، وكذلك تمسّكه بإعتماد النسبية الكاملة وقرّ الرأي على الاستمرار في التشاور.

ويؤكد معنيون أنّ النقاش في الملف الانتخابي يتركز الآن بالدرجة الأولى على خيار التمديد لمجلس النواب سواءٌ إتفق على قانون انتخاب أم لا، وذلك لتلافي الفراغ النيابي، والمتوقع أن يكون التمديد ستة أشهر حدّاً أدنى وسنة حدّاً أقصى ( أي من 20 حزيران 2017 الى 20 حزيران 2018).

وفي الدرجة الثانية يتركز النقاش على خيار النسبية الكاملة ولكن لم يستقرّ الرأي بعد في اعتمادها على دوائر محددة، أتكون نسبية على أساس لبنان دائرة واحدة أو دوائر كبرى (المحافظات التقليدية الخمس) أو مجموعة دوائر متوسطة، في ظل تأكيد الحريري أنه يؤيّد هذه النسبية على حدّ ما أبلغه الى بعض الأفرقاء السياسيين المعنيين، ولكنه يقترح إدخال بعض «التعديلات التقنية» عليها، ومنها عتبة تأهيل اللوائح الانتخابية عند احتساب الأصوات تمهيداً لإعلان نتائج الانتخابات والمرجّح أن تكون عشرة في المئة من أصوات الناخبين أم أكثر.

وفي انتظار أن تبلور اللجنة الوزارية مسودّة مشروع قانون انتخاب في ضوء المقاربة بين الصيغ المطروحة ونتائج المشاورات التي سيجريها الحريري مع أفرقاء سياسيين خارج إطار اللجنة، فإنّ معارضي النسبية يعتقدون أنها لا تطمئن فريقاً من اللبنانيين وأنّ النظام الأكثري هو ما يطمئن في حين أنّ مؤيّدي النسبية يؤكدون أنّ من الخطأ الاعتقاد «الأكثري» يطمئن، فهذا النظام لم يطمئن أيّ طائفة مسيحية أو إسلامية في لبنان منذ الاستقلال وحتى اليوم، وأنّ النظام النسبي هو الذي يطمئن الجميع ولا يقصي أحداً.