أثمرت اللقاءات التي حصلت بين الرئيس نبيه بري والنائب جورج عدوان المكلّف من قوى 14 آذار بالتفاوض مع رئيس المجلس النيابي، إلى ولادة تسوية تقضي بوضع آلية تسمح للمجلس النيابي بالعودة إلى التشريع في المرحلة المقبلة، وذلك على الرغم من الفراغ الحاصل في رئاسة الجمهورية. وتوقّعت أوساط نيابية متابعة لهذه التسوية، أن يشهد المجلس النيابي حراكاً فاعلاً يسمح بانطلاق مسار جديد أرسته هذه اللقاءات التي توّجت بلقاء جمع الرئيس بري والرئيس فؤاد السنيورة إنطلاقاً من إقرار «سلسلة الرتب والرواتب» بإجماع نيابي، لتكون هذه الخطوة بمثابة العيدية للبنانيين بمناسبة عيد الأضحى المبارك، وذلك للموظفين والمعلّمين والعسكريين. وكشفت أن هذه الخطوة لن تكون وحيدة، مشيرة إلى أن لقاءات أخرى مرتقبة بين الرئيس بري والنائب عدوان، وذلك للإعداد لجلسة عامة ثانية يجري تخصيصها لإقرار التمديد الثاني لمجلس النواب، وأيضاً وفق إجماع نيابي. وأوضحت أن النائب نقولا فتّوش قد أنجز مشروعه التمديدي للمجلس النيابي وسيعرضه قريباً على الرئيس بري ليكون عنوان الجلسة الثانية. وذلك بمعزل عن المواقف والمزايدات السياسية التي تطلق في الإعلام، بينما يتحدّث أصحابها لغة مغايرة في المجالس الخاصة.
وأضافت الأوساط نفسها، أن الصيغة القانونية أو مشروع فتّوش يحمل في طيّاته صيغة التمديد لاستكمال الولاية الثانية، أي نحو عامين ونصف العام. بينما يطرح بعض القيادات ومنهم النائب وليد جنبلاط أن يتم التمديد لسنة واحدة فقط. وفي كلا الحالتين، فإن هذا الموضوع قد حُسم، وأن ما من انتخابات نيابية في الأفق المنظور بسبب الأوضاع الأمنية الدقيقة، لكنها تحدّثت عن تباينات ما زالت قائمة حول مدة التمديد. وفي هذا المجال، كشف رئيس إحدى الكتل النيابية أن اعتماد خيار التمديد لعام واحد سيؤدي إلى تمديد ثالث للمجلس النيابي، لأن الأوضاع العامة لن تتغيّر، وكذلك الأوضاع الإقليمية التي ستبقى مؤثّرة،وبشكل سلبي، على الساحة اللبنانية. وتحدّث عن لقاء مرتقب بين الرئيس بري والنائب جنبلاط من شأنه أن يكون منطلقاً اساسياً لحسم قضية المهلة الزمنية للتمديد الثاني، وذلك بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب.
على صعيد آخر، اعتبرت الأوساط النيابية ذاتها، أن المحطّة الثالثة لمجلس النواب، ستكون انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولذلك فإن الرئيس بري لن يتوقّف عن تحديد موعد للإنتخاب حتى التوصّل إلى اتفاق على رئيس جديد بين كافة الكتل النيابية، وذلك على غرار الإتفاق الحاصل اليوم حول مشروع سلسلة الرتب والرواتب. واعتبرت أن الإستحقاق الرئاسي يختلف عن الإستحقاقات الأخرى كونه يحمل أبعاداً إقليمية ودولية، ولم تتوفّر ظروف نضوجه حتى الساعة، وربما تتطلّب فترة شهرين على الأقلّ، لأن التسوية الرئاسية تتطلّب المزيد من التوافق السعودي ـ الإيراني، إضافة إلى بلورة صورة الوضع في المنطقة ونتائج الحرب الدولية على «داعش» وعلى الإرهاب، خاصة وأن هناك من يقول أن هذه الحرب قد تسلك اتجاهات أخرى ومنها استهداف النظام السوري، لا سيما وأن هناك توجّهاً لتسليح المعارضة السورية ودعمها، ومقاطعة النظام الذي أبدى استعداده للتعاون مع المجتمع الدولي لضرب الإرهاب.
واشارت الأوساط، الى أن الجميع يترقّب اللحظة الدولية والإقليمية الملائمة لحصول تسوية رئاسية على غرار ما حصل لدى تكليف الرئيس تمام سلام لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، علماً أنه ما من مؤشّرات على حصول مثل هذه الظروف في الوقت الراهن. فالإستحقاق الرئاسي مرهون بواقع المنطقة بكل تجلّياتها السياسية والعسكرية، على ضوء المتغيّرات الميدانية التي ستسجّل بعد إنجاز التحالف الدولي ضرباته ضد «داعش» وأخواتها.