IMLebanon

التمديد يستعصي على «الدستوري»

المراهنة على قرار المجلس الدستوري لإبطال قانون التمديد للمجلس النيابي ستكون خاسرة بالتأكيد، هكذا كانت قبل تقديم مراجعة الطعن بالقانون وهكذا بعدها، ولا يعود ذلك لما تضمنه القانون من أحكام تتعارض مع الدستور ولا لحيثيات مراجعة الطعن، إنما لأن المجلس الدستوري لا يمكن ان يكون قصير النظر فيتجاهل تداعيات الإبطال وبالتالي نفاذ قانون التمديد، إن على مستوى استمرارية عمل المؤسسات وإن بالنسبة لكيانية الدولة.

فهذا المجلس سيجد نفسه أمام تاريخ انتهاء ولاية مجلس النواب في 20 الشهر الحالي الذي يصادف يوم الخميس المقبل، وبصرف النظر عن مهلة الشهر التي يحددها قانون إنشائه لإصدار القرار حول المراجعة وعدم الطلب بوقف مفعول القانون بعد استلامه ريثما يصدر قراره كما جرت العادة. وسيرى أن إبطال قانون التمديد سيؤدي حكماً إلى الفراغ في السلطة التشريعية لتنضم في ذلك إلى فراغ سدة رئاسة الجمهورية. وإذا كانت سدة الرئاسة تجد في المادة 62 ـ دستور وكيلاً عنها، فإن مجلس النواب لا يجد ذلك إلا إذا جرت انتخابات نيابية، وهذا ما يشكل تباين ماهية قانون التمديد ومراجعة الطعن فيه. ولهذا فإن المجلس الدستوري سيكون امام عقدة لا يجد حلاً لها إلا على حساب قناعاته حتى إذا ما كان يرى أن التمديد مخالف للدستور.

ويبدو واضحاً من مراجعة الطعن والأسباب الموجبة لقانون التمديد انهما تصارعا حول مفهومها ل«الظروف الاستثنائية». «فالدستوري» سينطلق من هذه النقطة بالذات في بناء قراره لإبطال يؤدي إلى الفراغ الحتمي في السلطة التشريعية. فحتى انتخاب رئيس للجمهورية سيكون متعذراً، ورد الطعن سيكون مخالفاً للنص الدستوري أيضاً. لذلك سيكون عليه، كما هو مرجح، استنهاض ظروف استثنائية تسمح له ببناء القرار على وقائع المهل المحددة، إن لجهة انتهاء ولاية المجلس النيابي وإن لجهة المهل التي تحكم قانون الانتخاب النافذ الإجراء ليخلص منها إلى «دسترة» تلك الظروف الخاصة بقراره. فكما أن الظروف الاستثنائية التي تتمحور حولها المراجعة وقانون التمديد تدور حول صراع بين إذا ما كانت تخلق تشريعاً استثنائياً، فإن الظروف الاستثنائية التي يراها «الدستوري» أمامه ستخلق قراراً استثنائياً يقول بعدم الأخذ بالمراجعة في الشكل لانتفاء إمكان العمل بمضمونها.

ردود الفعل على هذا التصوّر المحتمل عديدة، وفي مقدمتها إبطال قانون التمديد، على ان تقدم الحكومة على اتخاذ الإجراءات لانتخابات نيابية قريبة يتشكل منها مجلس نيابي جديد. ومثل هذا الاقتراح لا يمكن للدستوري أخذه بالاعتبار لأنه سيمر حكماً بإحداث فراغ في مؤسسة دستورية قد ينجح ملء فراغها وقد لا ينجح.

ومن ردود الفعل المطالبة بتعديل قانون التمديد. وهذا ما يتطلب إقرار مشروع للتعديل قبل يوم الخميس المقبل، موعد انتهاء ولاية المجلس الحالي. أما إذا كان بعد انتهاء الولاية فإن التمديد سيكون نافذ الإجراء وبدأت مهلة العمل به. وهذا ما أخذ به المجلس منذ إقرار التمديد عندما قال رئيس المجلس نبيه بري بعد إقرار الاقتراح ما معناه أن المجلس يعمد إلى تقصير مدة ولايته عند إقرار قانون جديد للانتخابات وتأكيد الحكومة بإمكان إجراء انتخابات ديموقراطية، وهذا ما حصل سنة 1992 عندما كانت ولاية المجلس الممددة للمرة الثامنة على التوالي تمتد إلى آخر يوم في سنة 1994 فعمد المجلس لتقصيرها قبل حوالي سنتين وجرت الانتخابات النيابية.

لهذه الأسباب وغيرها، فإن قانون التمديد لن يتغير ولن يبطل لأن الظروف الاستثنائية تتغلب على الدستور عندما تكون أسباب تسمح بذلك، وهذا ما أخذت به وعملت بموجبه دول عديدة كما في لبنان وفرنسا وبريطانيا ومصر وتونس وغيرها.

فالصراع اليوم بين «المراجعة والقرار» ليس على المبدأ، إنما على توافر الظرف الاستثنائي الذي لا بد من ان ينتهي يوم الخميس.