IMLebanon

التمديد غير مضمون في غياب اكتمال الغطاء المسيحي

لا يريد الرئيس بري ان تتنصل الكتل النيابية والاطراف السياسية من التمديد للمجلس كما فعل بعضهم في المرة الماضية، ورموا العبء عليه كونه رئيسا للمجلس.. ولا يريد ايضا اقرار التمديد باكثرية عادية، بل يصر على التمسك في تطبيق الميثاقية على جلسة الاربعاء ليس بالحضور فحسب، بل ايضا في المشاركة بالقرار لا سيما من قبل المكون المسيحي.

يدرك الجميع بحسب مصادر نيابية، خصوصا اولئك الذين يحاولون ان يظهروا بمظهر اصحاب الايدي النظيفة من «لوثة التمديد» ان رئيس المجلس اول من طالب باجراء الانتخابات في موعدها وعارض التمديد، وان نواب كتلته سبقوا الجميع في تقديم طلبات ترشيحهم. ويومها طلب الرئيس بري منهم الاسراع في التقدم بالطلبات خلال الايام الاولى من المهلة المحددة. وقال في احد ايام مجلسه المسائي «عليكم ان تكونوا مهيئين للانتخابات على اساس انها تجري في موعدها، وانني سادفع في هذا الاتجاه لكي لا تتكرر التجربة السابقة».

ويعلم الجميع ايضا كما تقول المصادر، انه بعد اقفال باب الترشيح تبين ان حوالى نصف «كتلة التنمية والتحرير» فائزون بالتزكية، وبالتالي فان آخر من يفترض ان يفكر في اللجوء الى التمديد من بين الكتل هي كتلة الرئيس بري وهذا يعني انه اقل مصلحة في التمديد، لا بل ان الانتخابات ستؤمن «حصته وزيادة».

والجميع يعلم كذلك تضيف المصادر، ان بري بقي على موقفه الرافض للتمديد الى حين اعلن رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري علنا رفضه المشاركة في الانتخابات النيابية قبل انتخاب رئيس الجمهورية، يومها عندما قرأ بري هذا الكلام وهو يمارس رياضة المشي القصير في ديوان قصر عين التينة وقف فجأة وخاطب بعض الحاضرين قائلا: «اذا كان هذا الكلام حاسماً فهذا يعني عدم امكانية اجراء الانتخابات في موعدها، وانا لن اشارك في مثل هذه الانتخابات في غياب «تيار المستقبل» الذي يمثل المكون السني الاساسي في البلاد، او في غياب اي مكون آخر، مماثل».

وبعد تصريح الحريري في الاليزيه تلقى الرئيس بري تأكيدات عديدة بان موقفه هذا ليس مناورة سياسية وهو حازم وجازم في شأنه، على حد قول المصادر، ثم تأكد له ذلك من الحريري شخصيا في اتصال بينهما.

ومنذ ذلك الوقت اخذ الرئيس بري يحسب حسابا اقوى وكبيرا للتمديد لان المعادلة تغيرت… كانت بين الانتخابات والتمديد وصارت بعد تصريح الحريري بين التمديد والفراغ.

وفي ضوء ذلك وجد الرئيس بري ان خيار التمديد هو المتقدم، تقول المصادر فحاول ان يكون خيارا جامعا بعيدا عن المناورات والمزايدات السياسية لا سيما بين الاطراف المسيحية، لكنه ادرك ان مثل هذه المهمة صعبة وتكاد تكون مستحيلة طالما ان هذه الاطراف تتربص لبعضها البعض عند اول كوع، وتفضل الموقف الشعبوي الذي يكسبها جمهورا.

ويبدو ان حرب المزايدة بين المسيحيين ليست السبب الوحيد في فقدان تحقيق الاجماع حول خيار التمديد، برأي المصادر، فهناك سبب آخر ربما اقوى من الاول وهو رغبة هذه الاطراف عدم تجرع كأس التمديد، وان كانت تستطيب طعمه وتتنعّم به بعد حصوله، بل ربما بعضهم محتاج اليه على ان يخوض غمار معركة انتخابية صعبة ومكلفة وغير مضمونة.

انهم يتصرفون على طريقة المثل القائل «عينو فيه وتفوه عليه». وينتظرون ان يأتي التمديد هذه المرة ايضا اليهم على طبق من فضة، ويظهروا لجمهورهم على انهم ابعد ما يكون عن «لعنة التمديد».

ولان الاجماع مستحيل او شبه مستحيل في مثل هذا البازار من المزايدات بين المسيحيين خصوصا، صرف الرئيس بري النظر عن هذا الامر، تؤكد المصادر لكنه بقي متمسكا بالميثاقية لا سيما على مستوى المشاركة المسيحية في الحضور والتصويت.

وجاءته رسائل عديدة منها على سبيل المثال «طبق الميثاقية على الحضور واترك الكتل تصوت ضد التمديد، طالما ان هناك اكثرية مؤمنة لصالحه». لكنه ابلغ من يهمه الامر ان الميثاقية تطبق على المشاركة في القرار، وهذا يعني المشاركة في التصويت لصالح التمديد وليس الاكتفاء بالحضور.

وبحسب المصادر، فان اجواء المداولات والاخذ والرد لم تحسم الامر، لا بل ان الرئيس بري ابلغ صراحة من يهمه الامر ايضا اما ان تصوت «القوات» او التيار الوطني الحر لصالح التمديد مع النواب المسيحيين في الكتل الاخرى او يطير التمديد، فلا غطاء مسيحيا لهذا الخيار من دون احد الطرفين.

واشارت المصادر في هذا المجال الى ان جدول اعمال جلسة الاربعاء يتضمن بندا قبل بند التمديد يتعلق بتعديل المهل حول الانتخابات النيابية، وهذه اشارة واضحة على ان هناك حسابا باقيا للذهاب الى الانتخابات ولو بعد المهلة المحددة سابقا اذا مال توافرت عناصر اقرار التمديد اي الميثاقية التي يشدد عليها الرئيس بري.

ويشير رئيس المجلس مرة اخرى الى ما ورد في مقدمة الدستور في الفقرة «ي» «لا شرعية لاي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك». موضحا ان تمسكه بالميثاقية ينسجم مع هذا النص الواضح، وان اعتباره حكومة السنيورة الشهيرة حكومة بتراء انطلق ايضا من هذه الفقرة في ظل غياب التمثيل الشيعي في الحكومة انذاك.

وفي معرض الكلام عن هذه الفقرة يقول الرئيس بري نستطيع ان نعدل مواد الدستور وفق الشروط الدستورية لكن التعديل في المقدمة يحتاج الى استفتاء وطني وليس لتعديل دستوري فحسب.

ويضيف قائلا «بعد الطائف اصبحت فكرة العيش المشترك موجودة في الدستور، ولا نستطيع بناء اي سلطة تتغاضى عن هذا الموضوع».

وفي مجال آخر يؤكد الرئيس بري مرة اخرى انه اذا ما حصل التمديد فانه سيحيي لجنة درس قانون الانتخابات للمباشرة جديا في العمل على وضع قانون جديد واقراره.

ويضيف في حال جرى اقرار القانون الجديد فانه سيصار الى اجراء انتخابات نيابية فورا، ولن ننتظر اكتمال مدة الولاية المحددة.

ويكشف ان النائب وليد جنبلاط بعث مؤخرا باشارات تدل على انه بات قريبا من الموافقة على اعتماد النسبية والاكثرية في قانون واحد، مثل الاقتراح الذي طرحه سابقا بانتخاب نصف المجلس على اساس الاكثرية والنصف الاخر على اساس النسبية.

ووفق الاجواء التي رصدت مع نهاية هذا الاسبوع فان التمديد الذي تتوفر له الاكثرية العددية في جلسة الاربعاء غير مضمون على حد قول المصادر، في غياب او تأخر حسم تأمين الميثاقية في التغطية المسيحية الكافية. فهل يحمل مطلع الاسبوع الجواب النهائي لتكريس التمديد؟