IMLebanon

التمديد لبصبوص يسقط شراكة عون في تعيين قائد الجيش

حتى حينه، تندرج ردات فعل التيار الوطني الحر رئيساً وقيادات في خانة المواقف «الهادئة والناعمة» في موازاة مواقف محدودة لحلفائه في تكتل التغيير والاصلاح الذي يرأسه النائب العماد ميشال عون، بحيث جاءت مواقف الحلفاء ايضاً في خانة مجاراته ليس الا، لكن الرد الذي كان مرتقباً ان يحصل كتعبير عن رفض عون لقرار وزير الداخلية نهاد المشنوق بتأخير تسريح مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص. هذا الرد جاء «كلاسيكياً»، بعدما كان يسبق هذا القرار المرتقب والمحسوم، جملة تهديدات مفادها ان غضب العماد عون «سيتحول الى زلزال سيصيب البلاد ويبتلع الحكومة ويسقط اتفاق الطائف، ويفتح الباب على مناقشة نظام سياسي بديل متوازن للبلاد…» على ما كانت تردد اوساط محيطة بالعماد عون.

والظاهر حتى الآن، ان معارضة عون بقيت منضبطة جداً، ولا تتجه الى «قلب الطاولة» الحكومية، بل البقاء داخلها لممارسة سياسة الاعتراض، حتى اقتراب موعد استحقاق قيادة الجيش اللبناني، في ضوء الكلام عن اتجاه وزير الدفاع سمير مقبل لتكرار قراره بتأجيل تسريح العماد جان قهوجي، لكون تعيين العميد شامل روكز خلفا متعذرا بوضوح منذ اليوم ومن غير الممكن ان يشهد منحى مغايرا استنادا الى الوقائع والمعطيات التي تحول دون تعيين روكز على رأس المؤسسة العسكرية.

وقدرافق قرار رئيس مجلس الامن المركزي ووزير الداخلية، عدة عوامل جعلت القرار المرتقب ان يكون «لغماً» لتفجير الحكومة ان يمر «بسلاسة» ويتقبله العماد عون، لكونه يحمل دلالة واضحة بأن لا حاجة لتوقيع او لقرار وزراء عون في التمديد لبصبوص، كما هو الواقع ذاته في ايلول المقبل فيما خص التمديد الثاني لقهوجي، بما معناه ان حجم رئيس التكتل لا يستطيع ان يعدل بما هو مرسوم، وكذلك لم تعد تيار المستقبل في حاجة لعقد تفاهم معه في التعيينات الامنية والعسكرية، ولم يعد ثمة حاجة لتلازم تعيين العميد روكز ورئيس شعبة المعلومات العميد عماد عثمان، اذ من الممكن ان يتم تعيين قائد جديد للجيش اللبناني بعيد انتخاب رئيس للجمهورية على وقع خريطة سياسية جديدة مغايرة كلياً، خصوصاً اذا ما طبق المبدأ المعتمد الذي يعطي رئيس الجمهورية المنتخب حق اختيار قائد الجيش الجديد لولايته…

ويكمن العامل المساعد لقرار التمديد لبصبوص في المناخ السياسي الذي وفره رئيس مجلس النواب نبيه بري كحليف للعماد عون في محور الممانعة او «الثنائي» في الثنائي الشيعي، على غرار الواقع المسيحي بين عون ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، الذي اوجد حاليا ثنائيا مسيحيا. اذ وضعت رسائل بري الحامية للحكومة من زاوية تأكيده على استمراره ورفضه لتعطيلها اطارا للهامش الذي جعل عون يعترض تحت سقفه دون خرقه او اسقاطه.

كما شكلت معركة القلمون والتحديات التي يواجهها «حزب الله» في تلك المنطقة، عاملا مهدئا للعماد عون، رغم الكلام الذي سمعه عن استعداد «حزب الله» لاتخاذ القرار الذي هو يتخذه على ما نقل بعد لقائه امين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله والذي وعده بان يكون وراءه في كل خطواته ليتبين لاحقا لعون بان حليفه الذي يقاتل بالداخل السوري ويواجه تحديات كبيرة في ظل كلام عن تطورات في المنطقة، حدت به ان يعطي رسائل تريث ويتفاعل معه مبدئيا من «باب رفع العتب» وليس اكثر، لكون الحزب يقدم حاليا الواقع العسكري وظروفه على الواقع السياسي… بما جعله لا يندفع نحو توتير الاجواء الداخلية وصولا الى تطيير الحكومة التي تشكل جامعا وغطاء سياسيا له في خطواته العسكرية.

ويأتي رفض وزير الخارجية جبران باسيل الخروج من الحكومة او تعطيلها من خلال المقاطعة ووزراء التكتل والحلفاء، خطوة مهدئة طوقت منسوب التوتر ومدى المواجهة، من جانب العماد عون بحيث بقيت الاعتراضات في سياق المواقف التي عبر عنها باسيل من الرابية بعيد عودته من السعودية التي كان اشاد بمواقفها الايجابية تجاه لبنان وتجاوزها ما اعلنه في حقها السيد نصر الله، على ما جاء في حديثه بالامس، اذ اتى قرار باسيل ليفرمل ايضا حالة المواجهة التي يريدها عون.

وان كان العماد عون لم يحقق مراده حتى حينه بعيد التمديد لبصبوص والذي جاء التمديد له سنتين ليسقط اي تسوية ممكنة معه في المستقبل، فان «الجنرال» يوفر اوراقه حتى ايلول المقبل حسب اوساطه، لكونه لا يريد ان يستعملها كلها حاليا، لانه يريد ان يحصر مواجهته في استحقاق قيادة الجيش، ربما عندها يتجاوب معه «حزب الله» ويكون في واقع يجيز له ان «يسقط الطاولة» اذ ربما عندها تكون ظروف «حزب الله» في حالة تجيز له هزّ الاستقرار السياسي وربما الامني.