التمديد لبصبوص ثم قهوجي حتمي
ومُعارضتهما لن تسقط الاستقرار بعد تخوف 14 آذار من تأثير حزب الله على روكز عبر عون الرابية تذكّر الحريري وجنبلاط بما قاله «شامل» في 7 أيار
تدل المواقف السياسية التصاعدية لاعضاء كل من «تكتل التغيير والاصلاح» و«التيار الوطني الحر» اللذين يترأسهما النائب العماد ميشال عون، على ان المرحلة المقبلة ستشهد خطابا عاليا وحادا لهذا الفريق على خلفية تمسكه بضرورة البت في التعيينات العسكرية والامنية على قاعدة تولي ضباط جدد قيادتي المؤسسة العسكرية وقوى الامن الداخلي ومع الرفض المطلق لمنطق التمديد.
وسيشكل مسلسل الجلسات الحكومية المقبلة والتي بعضها سيمضي في مناقشة الموازنة التي رفعها وزير المالية علي حسن خليل بعد عشر سنوات من غياب هذه الخطوة الضرورية التي تعطي دفعة «ثقة» داخلية وخارجية بالواقع الاقتصادي والمالي للنظام اللبناني. اذ انطلاق انعقاد هذه الجلسات سيترافق حكما مع مواقف العماد عون وفريقه، وسيعمد وزير الداخلية نهاد المشنوق الى طرح اسم او اسماء مرشحين لخلافة مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص وقائد الدرك العميد الياس سعادة او ربما يطرح طلب التعيين لخليفة بصبوص بعد الفراغ في قيادة الدرك في الثاني والعشرين من الشهر الحالي، ولان المعلومات الموثوق بها تدل على ان تعيينات قوى الامن الداخلي لن تحصل بعد سقوطها، سيلجأ وزير الداخلية الى خطوة «غير استفزازية» تجاه العماد عونه المعني مباشرة بتعيين قائد للجيش اللبناني، وذلك من خلال اصداره مرسوماً معللاً ومعززاً بمواد قانونية يجيز له بعد الخامس من حزيران تأخير تسريح اللواء بصبوص… وعندما يستمر مدير عام قوى الامن الداخلي في موقعه لقيادة قوى الامن الداخلي.
ومع المواقف المعارضة لصيغة التمديد لبصبوص من قبل المشنوق، سيزداد الضغط من جانب عون لعدم انسحاب هذه الصيغة على قيادة الجيش بإصدار وزير الدفاع سمير مقبل قرارا بعدم تسريح العماد جان قهوجي، في حال تعذر تعيين ضابط خلفاً له، لا سيما قائد فوج المغاوير العميد الركن شامل روكز، من خلال الحكومة بحيث لا تتم التعيينات لدى طرحها على الوزراء بعد ان كان ابلغ عون الدكتور غطاس خوري – الذي كان زاره على امل العودة اليه بعد زيارة واشنطن – موفداً من رئىس تيار المستقبل الرئىس سعد الحريري، بأنه اقل ما يقبله هو طرح اسماء عدة ضباط مؤهلين لتولي قيادة الجيش اللبناني على الحكومة لكي تتخذ القرار المناسب، لكونه لا يريد ان يدخل في صفقات في هذا المضمار.. ولتتحمل القوى السياسية ولا سيما المسيحية منها مسؤولية قرارها وتداعياته ولا سيما الجانب المسيحي الحكومي الذي سيغطي ضرب المؤسسات والحضور المسيحي في المعادلة اللبنانية..
وفي موازاة هذا المسار السابق واللاحق للبت في تعيينات المؤسسة العسكرية، ستكون المواقف لعون وفريقه عالية السقف دون اغفال احتمال ردة فعل ميدانية يتكتم «الجنرال» عليها حتى حينه.
ويلاقي توجه عون الواضح بضرورة تعيين العميد روكز قائداً للجيش اللبناني، تحفظات ورفضاً، من جانب قوى 14 آذار بشكل واضح، باعتبار وبحسب اوساط رفيعة في هذا الفريق، ان «تأثر» روكز «بعمه» عون، معناه حكماً تأثر بطلبات «حزب الله» وتوجهاته داخل المؤسسة بعيد تعيينه في عدة قرارات ومناقلات وتشكيلات وتعيينات حساسة في مواقع ومفاصل اساسية، اذ من الممكن ان يعمد «حزب الله» الى تجربة العماد عون بالطلب من «العماد» روكز خطوات، يشكل رفض صهره روكز لها، احراجاً لعون كمرشح رئاسي مدعوم من «حزب الله» الذي لا تتوقف تجاوزاته وسعيه لاستدراج المؤسسة العسكرية في عدة مواقف ليست لمصلحتها على حساب تأمين حساباته ومصالحه، بما يدفع ربما روكز الذي يحظى باحترام هذه القوى كضابط يمتلك مسيرة ومؤهلات قيادية، الى التجاوب مع عون و«حزب الله» بالواسطة..
لكن هذا المنطق حسب اوساط محيطة بالعماد عون، تجده استباقاً وتجنياً على العميد روكز، اذ ان الحاجة الضرورية لتعيين خلف للعماد قهوجي هي ضرورة التعيين من زاوية المنطق، ثم اعطاء الأمل لضباط المؤسسة العسكرية بأن الأبواب ليست «مغلقة» امام مستقبلهم وطموحهم داخلها.
وتتابع الاوساط بأن العماد عون يطالب بطرح عدة اسماء من قبل وزير الدفاع وليس فقط العميد روكز على ان يتم تعيين من يجده الوزراء الاكثر ملاءمة لهذا المنصب، عدا ان المؤشرات والوقائع لا تدل على ان احتمال انتخاب رئيس للجمهورية امر واضح في المدى القريب او اقله حتى نهاية العام، ليتقبل عندها العماد عون هذه الخطوة، على انها محددة زمنيا، ولذلك يتمسك بضرورة التعيين دون ان تحمل الخطوة اي موقف سلبي تجاه العماد قهوجي كقائد ناجح وقدير.
ثم ان الظلم يجب الا يطال العميد روكز، لكونه صهر العماد عون، تتابع الاوساط وادراج الامر في خانة تأثير «حزب الله» فيه، بحيث ان العماد عون بما يمثل كزعيم مسيحي وسياسي غير قادر على التأثير في قرارات العميد روكز، وتعود الاوساط بالذاكرة الى احداث 7 ايار من العام 2008، عندما كلف يومذاك وزير الدفاع الياس المر، العميد روكز بحماية كل من الرئيس الحريري في قريطم حيث زاره وابلغه انه مكلف حمايته وما يصيب الحريري يصيبه، وكذلك كان الواقع مع رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط الذي كان مطوقا في منزله في كليمنصو.
ويومذاك تكشف الاوساط اتصال العماد عون بالعميد روكز طالبا منه الانتباه او التخلي عن المهمة المكلف بها… فرد عليه العميد روكز قائلا «حماية الحريري وجنبلاط على عاتق شرفي العسكري ولن اتخلى عن هذه المهمة الا على جثتي وبعد قتلي». اذ هذا مؤشر واضح حسب الاوساط على العلاقة بين العماد والعميد الذي لا يتأثر الا بما تمليه عليه قناعاته، ولذلك يصر عون على ضرورة تعيينه… اذ من المفترض ان يأتي هذا الرفض من قبل «حزب الله» وليس من قوى 14 آذار، الا اذا كانت تدفعه الثمن بدلا عن الحزب.
لكن في خضم هذا الواقع من الترقب، لا تدل معطيات اوساط نيابية واسعة الاطلاع في قوى 8 آذار على أن التعيين سيحصل في كل من قيادتي الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي، وان الفراغ العسكري والامني المرفوض من جانب «حزب الله» وجميع القوى السياسية والخارجية، سيؤدي الى اجتياز لبنان «قطوع» التمديد بأقل حدة سياسية، والدليل على ذلك ان المواقف لكل من الرئيس الحريري وامين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله بأبعادها الاقليمية والمذهبية لم تسقط الحوار من جانب «حزب الله» اقله او لم يدع يوما الى تعليقه ولذلك فإن التمديد لقهوجي وبصبوص يحصل دون اي تداعيات دراماتيكية من شأنها ان تسقط السقف الحافظ للداخل اللبناني.