Site icon IMLebanon

التمديد النيابي سيُنتِج رئيساً أما الفراغ فماذا سيُنتِج؟

إذا لم يكن الحكم تبصُّراً وبصيرة فماذا يكون؟

وإذا لم تكن السياسة خططاً وتخطيطاً فماذا تكون؟

لم تكن السياسة يوماً:

قُل كلمتك وامشِ، فإذا كان هذا يصحُّ في الإعلام فإنَّه لا يصحُّ في السياسة، فالكلمة لها ما قبلها ولها ما بعدها، فالمضاعفات التي يمكن أن تنشأ عنها تجعل قائلها يُعدّ للمليون قبل أن يتفوَّه بها.

منذ آذار الماضي، مع بدء المهلة الدستورية لإنتخابِ رئيسٍ جديد للجمهورية، والبلاد تتخبَّط في ارتجاليةٍ قلَّ نظيرها. كثُر المرشَّحون وقلَّت فرص الإنتخابات:

فهناك المرشَّحون الجديون المعلنون والمرشَّحون الجديون غير المعلنين، وهناك مرشحو الإستطلاعات التي لم تُعلَن نتائجها، كما هناك مرشحو المناورات.

بين هذه الأنواع المتعددة من الترشيحات، هناك ثابتةٌ وحيدة وهي أنَّ داعمي إجراء الإنتخابات والمشاركين في كلِّ الجلسات التي كان يدعو إليها الرئيس نبيه بري كانوا فريق 14 آذار، كانوا هُم يشاركون فيما الفريق الآخر كأنَّه يقاطع الجلسات لأنَّه يريد للجميع أن يتوافقوا على مرشحه من دون سواه، ولأنَّ هذا التوافق لم يتم، ولن يتم، فإن حضور الجلسات كان يقتصر على فريق 14 آذار.

أما السبب الآخر لهذا الحضور فهو أنَّ زعيم تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري، المؤتمَن على الطائف، يرفض الوقوع في الفراغ تحت أي عنوان من العناوين، لأنَّه يُدرِك أنَّ الفراغ لن يملأه إلا التطرف، ولأنَّه رئيس الإعتدال فإنَّه يرفض التطرف وصولاً إلى محاربته بمزيدٍ من الإعتدال.

لم يترك باباً إلا وطرقه، من المملكة العربية السعودية إلى الفاتيكان، ومن فرنسا إلى الولايات المتحدة الأميركية، كلُّ همِّه ملء الفراغ وعدم التفريط بموقع رئاسة الجمهورية الذي يشغله مسيحي، وهي الحالة الفريدة من الهند إلى المغرب كما يردد دائماً. وتأسيساً على ذلك لا يمكن لأحد أن يزايد عليه في هذه المسألة، كما لا يجوز التعميم على قاعدة أن الجميع يُعطِّلون، فهذه ليست حقيقة، فالمُعطِّلون معروفون والساعون إلى الإنتخابات معروفون أيضاً، وعلى رأسهم الرئيس سعد الحريري.

***

حاول المُعطِّلون أن يُقيموا ربط نزاع بين الشغور الرئاسي والفراغ النيابي فباءت محاولتهم بالفشل، تلقَّف الرئيس سعد الحريري كرة النار فأبلغ مَن يعنيهم الأمر بأنَّه إذا كان الخيار بين الإنتخابات النيابية والتمديد فهو مع الإنتخابات، أما إذا كان الخيار بين التمديد والفراغ فهو مع التمديد. كان بالإمكان القيام بالخطوة بتوفير أكثرية الثلثين من نواب المستقبل وكتلة الرئيس بري وكتلة حزب الله وكتلة النائب وليد جنبلاط ومن النواب المسيحيين المستقلين، لكن مَن يعنيهم الأمر آثروا أن يحظوا بغطاء مسيحي فتمَّ توفيره من خلال نواب القوات اللبنانية وتيار المردة، وانتصر التمديد على الفراغ لأنَّ هذا التمديد يمكن أن يُنتج رئيساً للجمهورية في أيِّ لحظة، أما الفراغ فماذا يُنتِج؟

هذه المعادلة هي التي شجَّعت الرئيس الحريري على شرب كأس مُرّ التمديد لأنه يُدرِك أنَّه لولاه، وفي غياب إمكانية إجراء الإنتخابات، فإنَّ الفراغ سيتعمَّم.

في المقابل، مَن عنده خطة بديلة فليتقدَّم، أما المراوحة في دائرة المزايدات التي لا طائل منها، فإنَّ هذا الأمر يؤدي إلى الخسارة المحققة للوطن ولمؤسساته، فمَن يتحمَل هذه الخسارة؟

حسناً فعل الرئيس الحريري بتغطية التمديد، وحسناً فعل النائب جنبلاط بإعطاء دفع لهذا التمديد، وحسناً فعل الدكتور جعجع والنائب فرنجيه بتأمين التغطية الميثاقية لهذا التمديد، أما الرافضون فليتفضَّلوا ويُعلنوا خطتهم، إذا كانت لديهم خطط!