في وزارة الداخلية ورشة البلديات قائمة على قدم وساق والوزير نهاد المشنوق يصر على اتمام الاستحقاق البلدي في موعده بعد بضعة اشهر من بداية فصل الصيف، فيحزم ملفاته البلدية وأفكاره في ما خص هذ الاستحقاق ويحملها معه سواء قصد الرابية او كليمنصو او رئيس الحكومة وكل القيادات السياسية المعنية بالاستحقاق المقبل بعد وقت قصير، محاولاً الايحاء او اقناع نفسه كما القيادات السياسية التي يلتقيها ان لا شيء يحول دون اجراء الانتخابات البلدية في مواعيدها وكأن وزير الداخلية كما تقول اوساط سياسية يعيش في كوكب آخر نموذجي بعيد عما يجري في المنطقة ومحيط لبنان من تطورات واحداث، في حين تغرق البلاد بالتعطيل الرئاسي وشلل المؤسسات ومجلس النواب والحكومة وفيما مصير الحوار يهتز عند كل هبة هواء وخلاف بين الدول المؤثرة في القرار اللبناني الداخلي، وفيما تجتاح اطنان النفايات شوارع العاصمة وضواحيها وجبال لبنان وسهوله ووديانه.
وفق الاوساط نفسها فان حماسة وزير الداخلية للانتخابات وتحضير اللوائح والتجهيزات اللوجستية في وزارة الداخلية لا تعني ان الانتخابات صارت امراً واقعاً وحتمياً، فالتمديد للمجالس البلدية فرضية قائمة وبقوة ايضاً رغم ان كل القوى السياسية لا تبدي اعتراضات على الانتخابات النيابية كما فعلت في الاستحقاق النيابي فحصل التمديد الاول ومن ثم الثاني للمجلس النيابي. وما يعزز هذه الفرضية تداخل العوامل المحلية والاقليمية مع بعضها من الاستحقاق الرئاسي المعطل الى الشلل الحكومي الى الاحداث في الدول المجاورة والتأزم الذي طرأ على العلاقات الايرانية والسعودية بعد اعدام الشيخ نمر النمر. وبالتالي فان جهوزية الداخلية وهمة الوزير نهاد المشنوق وحدهما لا يكفيان لانجاز الاستحقاق البلدي اذا كانت القوى السياسية التي تجاهر بحماستها له فيما هي في الواقع غير لاهثة وراءه والقيادات السياسية باتت منقسمة بين معسكرين لاتمام الاستحقاق الرئاسي بعد التسوية الباريسية التي قلبت المقاييس والتحالفات السياسية.
فالاعتقاد السائد لدى معظم السياسيين ان الاستحقاق البلدي سوف يلاقي المصير نفسه الذي حصل لمجلس النواب وان مواقف القوى السياسية لن تتعدى المزايدات الكلامية في حال حصلت الاعتراضات. وتطرح الاوساط تساؤلات عن الجدوى في الدخول بانتخابات للمجالس البلدية والاختيارية طالما الكرسي الاولى فارغة ومجلسا النواب والحكومة في حال فضائحية من العجز والشلل، وفيما النفايات تغزو الشوارع فما الجدوى من الدخول في متاهات الانتخابات البلدية التي ستوجد بلديات وهيئات بلدية غير متمرسة ستكون على عاتقها ربما مسؤوليات في حال سلك قرار ترحيل النفايات حيز التنفيذ او لم يحصل في هذا الملف. ولعل العامل الامني يبقى هو الادق في ظل المخاوف من عودة التفجيرات الامنية كما ان تفكيك الشبكات وكان آخرها توقيف العقل المدبر لتفجير البرج ومعاونيه من خلية طرابلس يظهر هشاشة الوضع الامني وخطورته رغم الجهود الجبارة والمميزة للاجهزة الامنية اللبنانية.
اما الوضع السياسي فلا يبدو مشجعاً اكثر في ضوء الانقسامات والاصطفافات الجديدة التي احدثها ترشيح سليمان فرنجية من قبل سعد الحريري وحيث بدأ مشهد تبدل التحالفات يظهر بوضوح على الساحة، فالقوات اللبنانية وجدت نفسها مضطرة بعد اعلان النوايا مع الرابية ومع فرض ترشيح فرنجية من قبل حليفها الأزرق الى تبني ترشيح عون هذا الخيار الذي لم تكن تقبل به اصلاً لولا ان الحريري دفعها اليه، ورئيس تيار المردة الذي ساءت علاقته بالرابية على خلفية تسميته مرشحاً من قبل الحريري بات قريباً جداً من المستقبل وصار لا عيب او مشكلة في ان يسمي بطرس حرب ويطرح فرنجية رئيساً بعدما كان يتم تعييره بحلفه مع النظام السوري والايراني، وبالتالي فان هذه «المعمعة» التي اصابت علاقة الحلفاء ببعضهم سواء في 8 او 14 آذار تفرض ايقاعها في اي استحقاق مقبل سواء كان رئاسياً او نيابياً او بلدياً.