لولا تراكم النفايات في شوارع العاصمة والعديد من البلدات اللبنانيّة، وتناول الموضوع في وسائل الإعلام مع كل ما يرتبط به من إجتماعات وإتصالات، ولولا الفشل في الإتفاق على آليّة عمل مجلس الوزراء، وإستمرار عمليّات الأخذ والردّ في هذا السياق، لكان يُمكن القول إنّ السياسة اللبنانيّة ومعها الأغلبيّة الساحقة من السياسيّين في إجازة مَفتوحة، وربّما في سبات عميق! فالفشل المُستمرّ في إنتخاب رئيس جديد للجمهوريّة لم يعد محطّ إهتمام واسع، وعدم إنعقاد المجلس النيابي لا بدورة عادية ولا بدورة إستثنائيّة لم يعد بدوره ينال أيّ تغطية إعلاميّة، وفشل مجلس الوزراء المُتواصل في تحقيق أيّ خرق في موضوعي «الآليّة» و«النفايات» على الرغم من حصر المُداولات في هذين البندين بنسبة كبيرة لم يعد مُستغرباً! لكنّ هذا الواقع القريب من حال الجمود التام، نتيجة رهانات مُتضاربة لمجموعة كبيرة من الجهات السياسيّة اللبنانيّة على تغييرات إقليميّة مُرتقبة، إن بفعل مرحلة ما بعد الإتفاق الإيراني ـ الغربي، أو بفعل التغييرات الميدانية على الساحتين السوريّة واليمنيّة، لن يستمرّ طويلاً، بل هو مُرشّح للتبدّل إعتباراً من مُنتصف الأسبوع المقبل. فما هي الأسباب؟
بحسب المعلومات المُتوفّرة لدى مصادر سياسيّة مُطلعة إنّ مُشكلة تراكم النفايات والعجز عن التوافق على حلّ مُتوازن ونهائي لها، والتي طغت على غيرها من المواضيع بحكم الأمر الواقع، ستتراجع إلى مرتبة خلفيّة في الأيّام القليلة المُقبلة، وتحديداً عند الإصدار المُتوقّع لقرار تمديد خدمة رئيس الأركان في الجيش اللبناني اللواء وليد سلمان، عبر مرسوم وزاري مُوقّع من قبل وزير الدفاع سمير مُقبل، في خطوة مُشابهة لتمديد فترة الخدمة السابق. وأضافت المصادر نفسها أنّ هذا القرار صار بحكم المحسوم، بعد نيل «ضوء أخضر» عليه من رئيس «الحزب التقدّمي الإشتراكي» النائب وليد جنبلاط المَعني بحُكم الموقع المذهبي لمنصب رئاسة الأركان، وكذلك من قبل كلّ من رئيس الحكومة السابق النائب سعد الحريري، والوزير مقبل نفسه، وشخصيّات سياسيّة وعسكريّة عدّة ترفض أن تنتهي فترة خدمة اللواء سلمان من دون تعيين خلف له، وتُعارض أن يتم تسليم المنصب للضابط الأعلى رتبة.
ولفتت المصادر السياسية المطلعة نفسها إلى أنّ قرار التمديد للواء سلمان حُسم، وهو سيُعلن تلقائياً قبل يوم الجمعة المقبل بغض النظر إذا جرى عقد جلسة للحكومة قبل هذا التاريخ أم لم يتمّ ذلك، مع فارق وحيد – في حال إنعقاد جلسة وزاريّة في بحر الأسبوع المقبل، يتمثّل بعدم مُمانعة طرح مسألة التعيين على الوزراء، علماً أنّ النتيجة معروفة سلفاً لجهة إستبعاد التوافق على إسم الشخصيّة الأمنيّة الخلف. وتوقّعت المصادر السياسيّة نفسها أن يُعلن «التيّار الوطني الحُرّ» عدم شرعيّة هذا القرار، وأن يُجاهر برفض الإعتراف به، بحجّة أنّه لم يصدر عن توافق في مجلس الوزراء بل بقرار من وزير لا يملك هذه الصلاحيّة ويتصرّف بشكل مُخالف للدستور والقانون. وتابعت المصادر نفسها أنّ مُعارضة القرار على المستويين السياسي والإعلامي لن تُغيّر من فعاليّته ولن تحول دون تطبيقه، خاصة وأنّ قيادة الجيش اللبناني وقائد الجيش العماد جان قهوجي يؤمّنان الغطاء له أيضاً، إنطلاقاً من رفض ترك البلاد في فراغ على مستوى القيادات الأمنيّة في ظلّ هذه الظروف الدقيقة بحسب تبريراتهما، وإنطلاقاً من السعي لتطبيق «السيناريو» نفسه عند حلول موعد إنتهاء فترة خدمة قائد الجيش في أيلول المقبل بحسب إتهامات «التيّار».
ولفتت مصادر في 14 آذار إلى أنّ التحرّكات الإعتراضية التي قام بها «التيّار الوطني الحُرّ» في الأسابيع القليلة الماضية فشلت في تحقيق أهدافها، حيث أنّها لم تُغيّر قيد أنملة في مواقف مُعارضي «التيّار»، لا بل دفعتهم إلى التهكّم والسُخرية من حجم وعدد المُشاركين وكذلك من تصرّفاتهم ضُدّ القوى الأمنيّة الرسميّة! وأضافت أنّ رئيس «تكتّل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون سيكون بموقف حرج جداً، عند التمديد لرئيس الأركان، لأنّه في حال سمح بمرور القرار، فهذا يعني عدم القُدرة على عرقلة القرار المُشابه المُرتقب لتمديد فترة خدمة قائد الجيش بعد بضعة أسابيع. وتوقّعت المصادر نفسها أنّ يكون «الجنرال» مُضطرّاً لكشف كامل أوراقه إعتباراً من الأسبوع المُقبل، في محاولة لوقف تنفيذ القرار، أو على الأقلّ لمنع تعميمه على منصب قيادة الجيش في أيلول.
وختمت المصادر السياسيّة المُطلعة، ما لم يكن «التيّار» يُحضّر غير التظاهرات السيّارة، وغير البيانات الطنّانة في وسائل الإعلام والخطابات الرنّانة على المنابر، فإنّ تحرّكه الإعتراضي لن يُقدّم ولن يُؤخّر، خاصة وأنّ قائد الجيش اللبناني ورئيس أركانه سيتصرّفان وكأنّهما مُستهدفان من الحملة الإعتراضيّة المُتوقّعة للتيّار على القرار المُرتقب لوزير الدفاع، وسيكون لهما دور أيضاً في منع إسقاطه.