تبلّغ الرئيس تمام سلام أنّ العماد ميشال عون ماض في خوض معركته ضدّ التمديد للعسكريين (تأخير التسريح) الذين تنتهي خدمتهم في الأسابيع أو الأشهر المقبلة. وهذا الموقف لرئيس تكتل التغيير والإصلاح هو حاسم وثابت ونهائي.
ينطلق الجنرال في موقفه من منطلق مبدئي ومن تفاصيل «واقعية»، المبدئي في الموضوع انه ضد التمديد في المطلق وهو ما أثبته في التمديدين لمجلس النواب الحالي. وقد تفرد بهذا الموقف عن حلفائه. والتفاصيل الواقعية قد لا يكون مستبعداً فيها أمران: الأوّل ان التمديد للعماد جان قهوجي في قيادة الجيش يبقيه منافساً قوياً في معركة رئاسة الجمهورية. وفي الوقت ذاته يحول دون وصول الضابط القيادي المميّز شامل روكز الذي يقوم إجماع لبناني عليه لجهة مزاياه في القيادة وفي الميدان، وكذلك لجهة إثباته ممارسة دوره في مواقعه العسكرية من منطلق الولاء للجيش فالوطن من دون أي تحيّز أو تحزّب…
ولكن يجب ألاّ يفوت الجنرال أنّ مشكلته ليست مع الرئيس تمام سلام… ولا هي مع وزير الدفاع الذي يعرف الجميع مدى صلاحياته. ولقد تكون مناسبة للتذكير بأنه في تاريخ وزارة الدفاع منذ الإستقلال حتى اليوم قد تناوب على تسلم حقيبتها كثيرون، ولكن قلّة نادرة «عمل» بعضها وزيراً فعلياً للدفاع، ويبرز في الطليعة الرئيس ميشال المر الذي كان وزير دفاع كامل الأوصاف والقدرات والصلاحيات، والذي لم تكن تمر شاردة أو واردة إلاّ بمعرفته وموافقته، وهذه شهادة بـ«أبو الياس» لوجه الحقيقة، ومن معرفة مباشرة عن قرب.
أين مشكلة العماد عون في هذا الموضوع؟
في تقديرنا أنها مع حلفائه. وبالتحديد مع حزب الله وتيار المردة.
الحزب ليس في وارد أي تصرف يؤدي الى فراغ في قيادة الجيش.
لأنه يرى من المتعذّر إجراء تعيين قائد بديل في هذه المرحلة.
ويرى الجنرال، في المقابل، أنّ الذين لا يريدونه رئيساً للجمهورية يصرون على التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي ليبقى في واجهة المرشحين ما يزيد من تقليص حظوظ الرابية. كما يرى أن مجلس الوزراء الذي أجرى سلسلة تعيينات من هيئات ومحافظين وأمين عام لمجلس الوزراء ليس ما يحول دون أن يعيّن قائداً للجيش والمدير العام لقوى الأمن الداخلي وسواهما.
وموقف حزب الله ينسحب على الحليف الآخر النائب سليمان فرنجية الذي هو أيضاً لا يعارض التمديد للعسكريين والأمنيين لسبب أو آخر، أو ربما لأسباب عديدة.
أما الرئيس نبيه بري فموقفه واضح: مع التمديد علناً.
هذا يعني أن الجنرال عون أمام واحد من احتمالين:
1- معارضة التمديد من دون أي إجراء تنفيذي، والإكتفاء بهذه المعارضة المبدئية.
2- إستقالة وزرائه من الحكومة ما يعرضها لإنتكاسة ولكنها لن تكون هزة حاسمة… أما إذا تضامن وزراء حزب الله فعندئذ تتعرض الحكومة، فعلاً لأزمة… طبعاً البلد لا يتحمل خضة حكومية في غياب رئيس للجمهورية.
بإختصار… الأزمة، أزمة الجنرال، هي اليوم مع حلفائه… فهل تلقى حلاً أو تتفاقم بعد اللقاء المرتقب بين عون وأمين عام حزب اللّه السيد حسن نصرالله؟!