IMLebanon

التمديد يفتح مرحلة جديدة.. و«الدستوري» من دون تدخلات

لا أحد يتوقّع مشهدا في المجلس الدستوري اليوم شبيها بذاك الذي أعقب التمديد الاول العام الماضي. النتيجة طبعا ستكون نفسها، لناحية رفع الحواجز الاخيرة أمام التمديد «المُنزَل»، لكن الإخراج مختلف.

بكبسة زر، شيعية ـ درزية، تغيّب اعضاء المجلس الدستوري (محمد مرتضى واحمد تقي الدين وسهيل عبد الصمد) الصيف الفائت عن جلسات البتّ في الطعن في التمديد الاول.

ضغط الرئيس نبيه بري و«حزب الله» والنائب وليد جنبلاط على الاعضاء المحسوبين عليهم، فيما كانت عين التينة تروّج لمقوله ان التغيّب هو «لدرء الفتنة والتزاما بالقانون والدستور». «تيار المستقبل» كان قائد الحملة من أجل التمديد، لكنه ترك للآخرين ان يأخذوا المعركة بصدورهم.

شاهد العونيون باندهاش المجلس الدستوري «يشتغل سياسة»، محمّلين «حزب الله» مباشرة مسؤولية إدخالهم نفق التمديد بالتكافل والتضامن مع بري وجنبلاط و«المستقبل».

اليوم يُسمع كلام واضح داخل عين التينة مفاده «إذا حصل في السابق ضغط سياسي على المجلس الدستوري، فهذا الامر غير وارد الآن. ممنوع الاتصال او التواصل مع أي من أعضاء المجلس ولا حتى من اجل السلام والكلام. فلينعقد المجلس الدستوري ويتّخذ القرار الذي يراه مناسبا، مع التسليم بأن التمديد هو الخيار الاسلم للبلد».

رئيس المجلس الدستوري عصام سليمان يلاقي «التائبين» عند منتصف الطريق: «لا تعطيل للنصاب مرّة جديدة».

بانتظار اتّضاح صورة الرهان على «الاتصالات الداخلية والمؤشّرات الخارجية»، كما لوّح بذلك بري، ستلتهي القوى السياسية بحفلة التوقعات لما ستنتهي اليه اجتماعات المجلس الدستوري السرّية.

هذه المرّة، وخلافا لحزيران 2013، نصاب المجلس سيكتمل، و«البروفا» الأولى أثبتت ذلك. بري و«حزب الله» لن يفعلاها مجددا، ولا «تيار المستقبل» سيطلب من العضوين طارق زيادة وتوفيق سوبرة الامتناع من الحضور خلال المذاكرة.

تبقى المسألة في مدى «اقتناع» الاعضاء المحسوبين على مرجعياتهم السياسية بالأسباب الموجبة للطعن. إذاً، الازمة انتقلت من النصاب (8 من 10) الى القرار الذي يجب أن يصدر بأكثرية 7 من 10.

رغم الطعن «المبكّل» المقدّم من نواب «التيار الوطني الحر»، فإن القوى المؤيّدة للتمديد تتصرف بشيء من التسليم بأن المجلس الدستوري قد يرفض قبوله، نظرا للواقع الخطر الذي سينشأ عن الفراغ في السلطة التشريعية بعد الفراغ في الرئاسة الاولى، ولثبات نظرية العامل الامني الذي يمنع فتح صناديق الاقتراع دفعة واحدة في كافة المناطق، خصوصا ان أعضاء المجلس قد يجرون تحقيقا حول هذا المعطى خلافا للطعن في التمديد الاول.

لم يكن موقف «حزب الله» من الرابية عابرا حين وصف الخلاف بين عون وحلفائه بشأن التمديد بـ«الصغائر العابرة».

يحصل ذلك بعد كل قصائد الهجاء العونية، والكلام العالي السقف لميشال عون وجبران باسيل عن «السرقة الموصوفة» و«السطو» و«الخروج عن إرادة أكثرية المسيحيين» و«نفهم ان نُذبَح من داعش، ولكن لا نفهم ان نذبح سياسيا من الشريك في الوطن»… الاجتماع كان ممتازا بين الجانبين، لكن غصّة التمديد لم تمح بعد.

سيترك ميشال عون للمجلس الدستوري ان يبتّ مصير «الصغائر» التي حرمته، كما قال أكثر من مرة، من انتخابات كانت ستقصّر الطرق نحو الانتخابات الرئاسية، ومن أكثرية مسيحية إضافية كان سيضيفها الى رصيده الزعاماتي، وفق الاحصاءات البرتقالية، من صناديق الاشرفية والبترون وزحلة… هي الانتخابات نفسها التي ستحجّم، برأيه، «الطاووس الازرق» وتكشف ثقله الحقيقي في المناطق السنية.

يستذكر زملاء «البرتقاليين» جلسات مطوّلة لم يأتوا فيها على ذكر الانتخابات النيابية أو هدّدوا بالاستقالة من أجل حصولها. وينبشون كلاما لوزير الداخلية نهاد المشنوق يطلب فيه من جبران باسيل والياس بوصعب اختيار الاسم الذي يحدّده «التيار» لاكمال عضوية هيئة الاشراف على الانتخابات، لكن هذه التسمية لم تتمّ، حيث تذرع بوصعب، كما يقول هؤلاء، بأن تشكيل الهيئة كان يجب ان يتمّ قبل شهر من صدور مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، فيما الوزير باسيل تجاوز لاحقا هذه العقبة ودعا الى إجراء الانتخابات في الكويت واستراليا. هي عرقلة صبّت في صحن التمديد مباشرة، كما يقولون.

يتبنّى حلفاء عون هذه الوقائع ويضيفون اليها «بهارات» لمذاق أفضل لطبخة التمديد. القصد منها التدليل على صواب رؤية رفقاء درب «الجنرال».

في قاموسهم، الانتخابات النيابية لم تكن لتغيّر من موازين القوى القائمة. في مقابل الاحصاءات التي ترفعها الرابية، ثمّة أخرى أيضا في الجيوب تظهر أنه بقانون الستين لا قدرة لعون على إحداث أي خرق في المناطق الساقطة انتخابيا.

ميشال عون، برأيهم، مع نائب بالزائد او بالناقص، هو الزعيم المسيحي الاكبر. واليوم، وبالامس، وفي المستقبل لا احد قادرا على تجاوزه، كمرشّح أول، في انتخابات رئاسة الجمهورية. الكلام في ملف بعبدا لن يتمّ التوافق بشأنه الا معه.. وربما عليه، بمعنى انتخابه رئيسا.

حلفاء عون في المقلب الشيعي يردّدون أنهم الفريق الاكثر استفادة لو جرت الانتخابات اليوم. الترشيحات المقدّمة الى وزارة الداخلية منحت بعضهم ولاية من أربع سنوات بالتزكية، على رأسهم نبيه بري، بينما التمديد منحهم نصف ولاية!

أما وان التمديد قد مرّ بسلام من دون أن يتصبّب أحد من مؤيّديه عرقا خوفا من قبول المجلس الدستوري الطعن، فإن مرحلة جديدة ارتسمت في الافق، زبدتها الاساسية حتى اللحظة هي التمنّيات والمؤشّرات والمعطيات!

رسائل الغزل بين «حزب الله» و«المستقبل»، والتي قد تثمر حوارا جديا، لا تفسّر في مقلب «8 آذار» على انها أتت على حساب توقّف الحوار بين ميشال عون وسعد الحريري، لا بل أنها قد تكون المدخل الاساس لتفاهمات أكثر شمولية وصلابة تشمل الجميع، من بينها موضوع الرئاسة، بما يمكن ان يصبّ في مصلحة ميشال عون نفسه. تظهر رغبة الحلفاء هنا بأن تبقى خطوط الحوار لدى الرابية مفتوحة مع كل القوى من دون استثناء.