تتوزع الحركة السياسية هذه الايام في اتجاهين: الأول جولة المنسقة الأممية على المسؤولين قبل توجهها الى نيويورك للمشاركة في جلسة مجلس الامن الخاصة، في الثاني والعشرين من الحالي بشأن القرار 1701 .أما الاتجاه الثاني فإنه يصب في مسار الحركة المكوكية للأفرقاء السياسيين المتابعين للتمديد لرتبة عماد مدة سنة كاملة.
ففي الملف الاول تكشف المعطيات المتوافرة وفقا لمصادر ديبلوماسية، ان المناقشات في مجلس الامن لن تكون سهلة، حيث من المتوقع ان تكون الاحاطة “قاسية” في ما خص لبنان، خصوصا ان الولايات المتحدة الاميركية وحلفاءها سيسعون الى تبني لغة متشددة، مستندين الى القرار الصادر غداة التمديد لقوات الطوارئ الدولية نهاية آب الماضي، وفي ظل عدم رغبة روسية بفتح معركة.
وتشير المصادر الى ان جولة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي العربية لم تحقق الكثير، حيث ان الموقفين الاميركي والاوروبي لا يزالان على حالهما لجهة التهديد والوعيد، رغم رغبة الطرفين بعدم التصعيد لانهما سيكونان عاجزين عن حماية لبنان، وقد اشار الى ذلك بصراحة امين عام الامم المتحدة، وهو مؤشر واضح على مسار الامور في نيويورك.
اما في ما خص الملف الثاني، ومع سقوط “مسرحية” التمديد الثانية في السراي، والتي انجز اخراجها مساء بين “فردان” و”عين التينة”، ترى اوساط سياسية متابعة انه ما زال من المبكر الحديث عن حسم لمصير اليرزة قبل شهر ونصف من نهاية ولاية العماد جوزاف عون، معتبرة ان ما يحصل “حفلات تسلية” والهاء للناس ، فالاطراف كلها لم تحسم بعد خياراتها النهائية، او تحدد الحل الذي سيعتمد.
حتما لا يختلف اثنان على حنكة بري في تدوير الزوايا السياسية، وكيفية إرضاء الخصوم قبل الحلفاء، ذلك ان ابعاده كأس تأجيل التسريح عن المجلس وتجريعه لحكومة تصريف الاعمال، اراحه من عبء فتح باب رفع سن التقاعد، فضلا عن ان “الاستيذ” لا يرغب بالوقوف في وجه “السنة” بعد خمسة اشهر مع احالة النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات الى التقاعد، واستلام المدعي العام المالي علي ابراهيم مكانه.
واعتبرت الاوساط ان اضفاء الطابع الطائفي على التعيينات وفقا لما حصل، يعقد الامور اكثر مما يسهلها، ذلك ان خيار السلة المتكاملة صعب تحقيق الاتفاق حوله في هذه الفترة القصيرة، من هنا ثمة طرح بتمرير مسألة قيادة الجيش والمجلس العسكري، التي تبدو الاكثر الحاحا، فيما ترحّل باقي التعيينات الى مرحلة اخرى، هذا اذا تم الاتفاق على السير في خيار التعيين، والذي يبدو ان حزب الله ابدى ليونة بشأنه، مع ابقائه الباب مفتوحا امام كل الاحتمالات.
ورأت الاوساط ان المعترضين على خيار التمديد يحتجون بحارة حريك ويراهنون على موقفها، خصوصا ان الاطراف المؤيدة لتأجيل التسريح عبر حكومة تصريف الاعمال، هي بغالبيتها خارج الحكومة وغير مؤثرة، فيما يبقى موقف الصرح البطريركي ومجلس المطارنة والموارنة غير مؤثر بشكل فعلي، رغم انه نجح في كسر مسألة غياب الميثاقية المسيحية.
وختمت الاوساط بالتأكيد ان الملف بات في مهب “هبة سخنة هبة باردة” وفقا لما ينقله زوار المقرات عن اصحابها، والذي وصل حد التناقض والتعارض، كذلك الرسائل التي تصل من تحت الطاولة الى المعنيين، والتي بدورها كالبورصة “ساعة طلوع ساعة نزول”، وهو امر اكدت مصادر ديبلوماسية على ضرورة توقفه، نظرا لما يتسبب به من ضرر على معنويات الجيش وعسكرييه، كما على “مشروعية” المؤسسة التي باتت على المحك، في ظل “المعمعة” القائمة، وسط المخاوف من وجود طابور خامس يبيّت غايات سيئة، تؤشر اليه بعض الحملات المنظمة التي تسعى الى خلق شرخ، لن تنجح في تحقيقه.