لا شيء يفعله عون وجعجع هذه الايام إلا تبادل الادوار وتراشق الاتهام بتعطيل البلد والاستحقاقات على حدّ قول مصادر مسيحية، بدءاً من معركة الانتخابات الرئاسية الى التمديد الثاني للمجلس الذي كاد ان يمر بهدوء ومن دون ان يشعر به اللبنانيون لولا عاملان ساهما في التشويش لبعض الوقت على جلسة التمديد وهما الحراك المدني الذي قام في الشارع من جهة وسجالات القوات والعونيين في المجلس وخارجه وعلى المنابر الاعلامية من جهة ثانية، فمعراب التي صوتت مع التمديد تلقي المسؤولية على الرابية التي لم تصوت على التمديد، وايحاءات معراب في هذا الصدد كثيرة بأن الرابية وان فعلت الا انها ليست ضد التمديد وان 8 آذار منعت اجراء الانتخابات الرئاسية وكذلك فعلت في الانتخابات النيابية، ورئيس القوات نفسه سأل 8 آذار عما فعلوه لإجراء الانتخابات النيابية، الرابية بدورها تشير الى ان انقلاب معراب بعد زيارة جعجع الى السعودية وحصوله على الامر الملكي بالسير في التمديد، وحيث يروي العونيون في مجالسهم الخاصة الكثير حول تلك الزيارة التي جعلت جعجع يعود موافقاً على التمديد بعد ضمانات كثيرة وتفاهمات حصل عليها وهذه التفاهمات وصلت الى تفاصيل العلاقة التي شهدت تراجعاً في الاشهر الاخيرة بين «المستقبل» ومعراب بعد انفتاح الحريري على رئيس الاصلاح والتغيير والتي انتهت الى سير الحكيم مجدداً الى جانب الحليف الازرق واعادة تمتين تحالفهما من اجل الاستحقاق الرئاسي المقبل.
اذاً فالمشهد في ساحة النجمة كان مسرحه الصراع المسيحي وابطاله الفريقين المسيحيين المختلفين حول كل شيء، المشهد ذاته تقول المصادر المسيحية، يشبه مسرحية الانتخابات الرئاسية قبل نحو سنة التي ضيعت وربما ستفقد المسيحيين ملكية الكرسي الاولى. فجلسة التمديد كلفت القوات اربعة مؤتمرات صحافية حاول خلالها جعجع اعلان براءة القوات من تهمة التمديد ورمي الكرة على «التيار الوطني الحر» في تعطيل الانتخابات النيابية وكان الهدف منها ايضاً التخفيف من وطأة تشظي «القوات» من معركة التمديد في الشارع المسيحي و«القوطبة» على الرابية التي وقفت في وجه التمديد الذي يرفضه الجزء الاكبر من الجمهور المسيحي. وجلسة التمديد كلفت الرابية استنفاراً شاملاً لمواجهة التمديد وتداعياته وحيث بدا ان ثمة تناقضاً بين رؤية عون لهذا الموضوع وبين موقف حلفائه، فالمردة سارت في التمديد ورئيس المجلس نبيه بري اوحت اوساطه بأن عون انقلب على التزامات اعطاها وعلى تفهم ابداه في هذا الصدد، في حين مارست الماكينة العونية الاعلامية على غرار القوات اقسى الحملات التخوينية في حق بعضهما، فالماكينة العونية ركزت على انقلاب القوات وتكرار تجربة الارثوذكسي في حين ركز القواتيون على ان المشكلة مع عون هي في انقلاباته المستمرة وفي طموحه الرئاسي وادراكه صعوبة وصوله الى قصر بعبدا. الموضوع الرئاسي ايضاً لا يغفل عن العونيين الذين يرون ان القوات اعطت المستقبل الموافقة على التمديد كـ «رد رجل» لوقوف المستقبل الى جانب معراب في الملف الرئاسي واملاً في حدوث متغيرات تصب في خانة ترشيع معراب مستقبلاً.
وما بين الحرب على الجبهتين ثبت بما لا يقبل الشك ان كل من زعيم الرابية وزعيم معراب يقفان مجدداً على مفترق الرهانات الخاصة بهما على حدّ قول المصادر، فكل فريق يرى في نفسه خشبة الخلاص المسيحية، ومشروع المرشح الانسب لقيادة الجمهورية وسط العواصف المقبلة، وبعد معركة التمديد لا يمكن القول والجزم كما تقول اوساط سياسية بمن ربح ومن خسر على الساحة المسيحية، فسمير جعجع ينتظر مكافأة التمديد التي ستأتي من «المستقبل» في وقت لاحق والتي تعزز تحالفاتهما وتفاهمتهما وربما سينعكس ذلك باستمرار جعجع في معركته الرئاسية، وميشال عون خاض معركة التمديد وربح الشارع المسيحي لكن وقوفه ضد التمديد ربما سيخسره كرسي بعبدا وسيصعب من فرص انتخابه رئيساً خصوصاً انه ساهم في تكريس الافتراق مع «المستقبل» بعد جولة التمديد، وربما يكون عون مدركاً كما تقول المصادر ان لا امل كبيراً في الوصول الى بعبدا مهما اعطى تسليفات في التمديد او غيره فاختار ان يكسب «السكور» المسيحي.
وفي كل ذلك يبقى السؤال ماذا جنى الموارنة من صراع القطبين في الاستحقاق الرئاسي إلا تعطيل الرئاسة وامرار التمديد لأمد طويل بدل الولاية القصيرة، وصفقة التمديد جرى تمريرها في حمأة الاحداث الامنية الخطرة وفي الوقت الذي يتم فيه استهداف الجيش في المناطق اللبنانية وفي ظل ضغوط قضية العسكريين ومحاولات «النصرة» و«داعش» تحقيق اختراقات على الساحة الداخلية.