IMLebanon

ما دوافع المتحمّسين لعون؟

 

يتواصل تحضير «المسرح السياسي» لإنجاز عملية التمديد أو تأخير التسريح لقائد الجيش العماد جوزف عون، وسط «تنافس» بين أكثر من سيناريو مطروح، حتى ربع الساعة الأخير.

تستمر المؤسسات في دفع ثمن شغور قصر بعبدا وغياب رئيس الجمهورية الناظم لإيقاعها، ومن بينها المؤسسة العسكرية التي وجدت نفسها في قلب تجاذب سياسي حاد حول الصيغة الأنسب لاستباق الفراغ في موقع قائد الجيش، مع اقتراب موعد تقاعد العماد جوزف عون في العاشر من كانون الثاني المقبل.

 

ولئن كان ارجاء تقاعد عون بات محسوما، الا انّ مخاضه يبدو عسيرا في ظل الحسابات المتضاربة التي يمكن أن تتحكّم غداً بمجريات الجلسة التشريعية المرشحة لكل الاحتمالات، على وقع مناورات سياسية لبعض الكتل، فيما عادت الحرارة فجأة الى «سلك» تأخير التسريح عبر الحكومة، وهو الأمر الذي ولّد مخاوف لدى أنصار التمديد من «كمين ممَوّه» يجري تحضيره لعون، في اعتبار أن القرار الحكومي سيكون عرضة لطعن مضمون.

 

وضمن سياق متصل، تعتبر مصادر نيابية انه كان من الأفضل، أن يمدد المجلس النيابي لكل قادة الأجهزة العسكرية والأمنية من رتبة عماد ولواء، ما يشمل ضمناً المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان الى جانب جوزف عون.

 

وتلفت المصادر إلى أنّ من شأن هذه الآلية ان تزيد عدد النواب المشاركين في الجلسة التشريعية، وان تحقق توازنا طائفيا هو ضروري وحيوي في بلد التوازنات المرهفة، وان تحول دون ظهور التمديد وكأنه مفصّل على قياس احدهم تحديدا وبالتالي تحصين القانون الذي سيصدر حيال خطر الطعن.

 

واذا تقرر الإبقاء على عون في مركزه، أيّاً يكن الاخراج المعتمد، فإن ذلك سيكون استثناء للقاعدة التي جرى اتباعها مع حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة والمدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس ابراهيم والقائد السابق للدرك العميد مروان سليلاتي الذين لم يتم التمديد لهم عند انتهاء ولاية كل منهم في مركزه، الأمر الذي يؤشر إلى الأهمية الاستثنائية التي يحظى بها موقع قيادة الجيش وشاغله في هذه المرحلة.

وقد انعكست هذه الأهمية الخاصة اهتماما دوليا غير مسبوق بالتمديد للعماد عون من قبل دول اللجنة الخماسية جميعها، وهي الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا والسعودية ومصر وقطر التي شكلت رافعة هذا الخيار وقاطرته.

 

ويشير مواكبون عن قرب لهذا الملف الى انه ليس أمرا بسيطا ان تلتقي خمس دول اساسية ومحورية على دعم مواصلة جوزف عون لمهامه، خصوصا انها هي التي يُعوّل عليها لمساعدة لبنان سياسيا واقتصاديا للخروج من نفق أزمته المستفحلة، وبالتالي لا يمكن إغضابها او تجاهل حماستها لتمديد ولاية عون، مع الأخذ في عين الاعتبار أيضا ان هناك حيثيات داخلية تدفع في الاتجاه نفسه.

 

ووفق هؤلاء، فإنّ الخارج قرر على ما يبدو إعطاء الاولوية في هذا الظرف لقيادة الجيش بفعل العجز عن انتخاب رئيس الجمهورية، لافتين الى ان دعم عواصم دولية وعربية لبقاء عون في مركزه يعود إلى كونها اختبرته خلال فترة خدمته وارتاحت الى نمط سلوكه، وبالتالي فهي تفضّل في مرحلة الاهتزازات مواصلة التعاون مع شخص تعرفه جيدا على أن يحل مكانه شخص جديد تجهله وستحتاج إلى وقت للتعرّف اليه.

ويكشف المطلعون على كواليس الاخذ والرد ان بعض مكونات «الخماسية» أبدت جدية فائقة في تأييد خيار التمديد لعون وأوصلت رسائل واضحة في هذا الصدد، يُستنتج منها ان المساعدات الخارجية التي تُمنح الى المؤسسة العسكرية قد تُعلق اذا لم يتم التمديد لعون، ومنها مساعدات فرنسية واميركية وقطرية في مجالات عدة.

 

ومن المفاعيل التلقائية للتمديد المفترض أن مدة صلاحية ترشيح العماد عون الى رئاسة الجمهورية ستطول حُكماً، وهو امر يهم معظم دول «الخماسية» التي لا يُخفى انها تؤيد انتخاب عون وتريد له ان يبقى احد «العدّائين» الأساسيين في السباق الى قصر بعبدا لتحقيق واحد من هدفين، فإمّا ان يربح الرئاسة في نهاية المطاف وإما ان يتم استخدام ترشيحه لـ»المقايضة» التي تفضي الى تسوية على قاعدة «لا عون ولا سليمان فرنجية».

 

وصار واضحاً انّ هناك نوعاً من التسليم لدى المعنيين بأن الاستحقاق الرئاسي مؤجّل عملياً الى حين تبيان نتائج العدوان على غزة وما سيُفضي اليه من معادلات ستُصرف في لبنان بشكل او بآخر، إذ وكما يوجد ترابط عسكري بين الجبهتين فإن الانعكاس السياسي لا يمكن إغفاله.