الحكومة امام تحدي اجراء الانتخابات البلدية في موعدها في ايار المقبل. لا مبررات للتأجيل، فلا توترات أمنية ولا تفجيرات واغتيالات، (اللهم الا اذا كانت حاجة للتأجيل فيتم استحضارها)، ولا خلاف على القانون لضمان حسن التمثيل، ولا حاجة الى جيوش جرارة منتشرة على الحدود، اذ تكفي عناصر قوى الامن الداخلي لمتابعتها وتنظيم اجرائها في معظم المناطق. يختلف القانونيون حول مشروع محتمل للتمديد للمجالس البلدية، فثمة من يقول ان القرار يحتاج الى جلسة تشريعية، فلا يقتصر على قرار حكومي، تماما مثل التمديد لمجلس النواب، اذ انها مجالس تمثيلية منتخبة مباشرة من المواطنين، ويحكمها قانون واحد.
لكن الرأي المرجح الآخر، وقد عشناه تجارب في مرات عدة، ويتكرر حاليا، يفيد ان انحلال المجالس البلدية او استقالتها او انتهاء ولايتها من دون القدرة على اجراء انتخابات، يدفع بالقائمقامين او من يكلفون من الموظفين ادارة البلديات، الى حين حصول الاستحقاق الانتخابي.
فقد نصت المادة 24 من قانون البلديات على الآتي: “في حال حل المجلس البلدي أو اعتباره منحلا يصار إلى انتخاب مجلس جديد في مهلة شهرين من تاريخ مرسوم الحل أو إقراره إو إعلانه.
يتولى القائمقام أو رئيس القسم الأصيل في القضاء والمحافظة أو امين السر العام في مركز المحافظة أعمال المجلس البلدي حتى انتخاب المجلس الجديد وذلك بقرار من وزير الداخلية”.
هذا النص واضح لجهة عدم التمديد للبلديات طالما انه وفر مخرجا لاستمرار المرفق العام، تماما كما في رئاسة الجمهورية التي لا تمدد ولاية شاغلها، او يستمر في تصريف الاعمال الى حين توافر البديل، اي انتخاب رئيس جديد، بل تنتقل صلاحيات الرئيس الى مجلس الوزراء مجتمعا بما يضمن استمرار الاعمال الادارية الضرورية الى حين حصول الاستحقاق، علما ان اي نص لم يلحظ، او يتوقع، تعطيلا بلغ مداه، وشغورا مرشحاً للاستمرار الى وقت غير محدد.
اما عدم اجراء الانتخابات، فيعني الشلل التام في الدولة ومؤسساتها، بدءا من رأس الهرم، اي الرئاسة الشاغرة، والمجلس المعطل، والحكومة المشلولة، مروراً بالوزارات العاجزة، والقضاء المتردد، وهيئات الرقابة التي لا تجتمع.
وفي عدم إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية أيضا تغييب متعمد لدور المواطن وحرمانه حقه في التصويت والانتخاب، وإبقائه رهينة حسابات السياسيين.
من هنا يصبح الكلام على تمديد للمجالس البلدية نوعا من الترف الفكري، وجس نبض الاحزاب المستعدة دوما ومرارا للاتفاق على تجاوز الدستور اذا كان هذا التجاوز يضمن مصالحها النفعية في السلطة وفي توارثها.
وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق وعدنا بالانتخابات في موعدها، فهل ينجح في فرض الاستحقاق على الاحزاب التي تفضل ارجاء كل استحقاق لألف سبب وسبب؟