الرئيس ميشال سليمان على رأيه بأن الملف الرئاسي ما زال مقفلاً، وانه لا حلحلة في المدى المنظور، وقد توقف عن تعميم المسؤوليات، واضعاً المشكلة في عهدة حزب الله والعماد ميشال عون.
وربما انضم مجلس المطارنة الموارنة الذي سيعقد اجتماعه الشهري اليوم برئاسة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي العائد من الفاتيكان الى هذا الرأي، وإن بلغة أكثر مرونة…
لكن ما من طرف لبناني أو اقليمي يغامر بتوقعات قريبة للاستحقاق الرئاسي، استناداً الى حالة الضياع التي تعيشها بوصلة التطورات في المنطقة، فعندما تكون النار على حالها من الاشتعال في سوريا، ومثلها، وإن بأقل حدة، في العراق، ومثلها كذلك في اليمن، يصبح من الغباء، توقع الخلاص للبنان، بالمدى المأمول.
واذا أضفنا المعطيات المشككة بنضوج الملف النووي الايراني على النار الأميركية، وبالتالي المستبعدة لحصول التقارب السعودي – الايراني في هذه الأجواء، يصبح التفكير باحتمال تمرير الاستحقاق الرئاسي للبنان، مجرد تخيلات.
بل من الوهم التطلع الى انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، بينما اليمن التي تعيش ظروفاً مشابهة تحت الظلال الايرانية، بلا رئيس وبلا حكومة ولا حتى دستور…
قد يستغرب البعض هذا التشبيه، من باب المكابرة لا من باب المنطق السليم بالطبع، بدليل أن هذا البعض لن يكون أكثر اطلاعاً على وقائع الأمور ودقائقها أكثر من وزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي عندما سئل عن مآل الاستحقاق الرئاسي، في مقابلة مع قناة المستقبل، أصر بصراحته المعهودة على القول: إن ثمة عقبة اقليمية كبرى تحول دون انتخاب رئيس، وهي موجودة من جانب ايران.
وهل معنى ذلك أن الرئاسة اللبنانية باتت مرتبطة أيضاً بعودة السعادة الى اليمن الفاقد للسعادة؟
هذا من حيث المبدأ، انما الحلول في اليمن ومثله في سوريا والعراق وتالياً لبنان، قد تظفر بالسلام والاستقرار في حال توافقت واشنطن وحلفاؤها على رسم حدود ثابتة للنفوذ الايراني في المنطقة. وهذه الحدود متصلة بحبل سرة الملف النووي الايراني…
وعن اليمن بالذات، تبدو بعض الأوساط على يقين بأن وضعها ليس أقل صعوبة من البلدان الأخرى، والصفعة التي تلقتها القوى الأخرى من الحوثيين، ما زال طنينها في آذان الكثيرين، خصوصاً وأن الصفعة غير المتوقعة تؤلم أكثر.
وعلى هذا فإن أصحاب التوقعات، لا يستبعدون تسارع التطورات العكسية في اليمن، منعاً لتغييرات استراتيجية في مضيق باب المندب، وفي رأيهم ان المنطقة ستغرق في بحر العواصف العنفية على نطاق واسع ما يستدعي تحييد لبنان أكثر وأكثر، وعبر الحوار، والاكثار من الحوار، وان بدا كتفاح الصالحين، الذي له رائحة وليس له طعم. وميزة هكذا حوار انه يمهّد الأجواء الداخلية لاستقبال التوافقات الخارجية، حينما تحصل والتفاعل معها بسرعة أكبر، هو بمثابة التحضير لما هو آتٍ مهما طال زمن انتظاره.
وبالنتيجة ماذا عن الفراغ الرئاسي؟ تقول الأوساط السياسية المتابعة، ان سدّ هذا الفراغ هو الباب الى خلاص لبنان، وبانتظار فتح هذا الباب، يتعيّن مراعاة عدم تمدّده الى مجلس الوزراء الذي تحوّل مع غياب رئيس الجمهورية، الى مجلس رئاسي، وعندما يكثر الطبّاخون تشوشط الطبخة، وهو ما حصل عملياً نتيجة اساءة تصرّف بعض الوزراء بوكالتهم عن رئيس الجمهورية الغائب، وهذا التصرّف يهدّد بتعطيل جلسات مجلس الوزراء، ويهدّد أكثر بمدّ خيوط الفراغ الى القيادات العسكرية والأمنية التي بلغ معظمها السن القانونية أو يكاد، فقائد الدرك العميد الياس سعادة تنتهي خدمته في آذار المقبل واللواء ابراهيم بصبوص المدير العام للأمن الداخلي، يتبعه في أيار، ورئيس الأركان اللواء وليد سليمان في آب، وقائد الجيش العماد جان قهوجي في أيلول.
وبغياب رئيس الجمهورية يتعذر تعيين بدائل كما يتعذر تعديل قانون سن تقاعد العسكريين، لأنه حتى لو مرّ مشروع التعديل في مجلس الوزراء، وفق آلية معدّلة، أي بأكثرية الثلثين أو حتى النصف زائداً واحداً، فان هذا التعديل سيصطدم بحائط النشر في الجريدة الرسمية، الذي يفرض توقيع رئيس الجمهورية، وما يعني العودة الى تواقيع الوزراء الأربعة والعشرين، وهذا من سابع المستحيلات في ظلّ الفيتوات العونية.
من هنا يغدو التمديد أبغض الحلال عند الدستوريين…