IMLebanon

التوافق الخارجي مستحيل فهل يخترق اللبنانيون جدار.. «الموت» الرئاسي؟

على الرغم من المحاولات الداخلية التي تعيد تحريك الملف الرئاسي والمحاولات تجاه الخارج لوضع الدول الفاعلة في أجواء التطورات على هذا الصعيد، فإن مصادر ديبلوماسية تؤكد أن لا إشارات حتى الآن تدل على حل سريع للملف، وتشير إلى أن «طبخة» الرئاسة لم تنضج بعد ويلزمها وقت، بحيث لا يوجد حسم في اتجاه اسم مرشح محدد، ولا توقيت محسوم للانتخاب.

إيران تبدو خارج قدرة أي جهة في الضغط عليها من أجل التسهيل، كل من فرنسا وروسيا تحاولان الآن، وكانتا قد حاولتا أيضاً خلال الأشهر القليلة الماضية، لكن أي نتيجة لم يتم التوصل إليها. وصحيح أن تركيا لديها علاقات جيدة بإيران، لكنهما فريقان متنافسان، ومصالح كل منهما متناقضة في الكثير من المواقع في المنطقة وإن كانت تتقاطع في مسائل معينة، لا سيما ربما في رفض قيام الدولة الكردية على حدودهما.

والانقسام اللبناني لا يزال كبيراً، واللبنانيون غير قادرين على التوصل إلى أرضية مشتركة لإيصال مرشح محدد إلى قصر بعبدا وبعدما أبدى الحريري انفتاحاً إلى هذا الحد واستعداداً للبحث، فإن أجواء سلبية واجهته من الطرف الآخر.

وتفيد المصادر نفسها بأنه حتى أولويات الخليج مختلفة في ظل الصعوبات الاقتصادية وسوء العلاقة مع إيران، والأزمة اليمنية. فضلاً عن الأزمة السورية التي تلقي بظلالها، على وضع المنطقة ككل.

الجو الإقليمي المحيط بالملف اللبناني، غامض ومقلق. وفي الوقت نفسه السعي مهم للحصول على عدم الممانعة من الدول الفاعلة تجاه أي خطوة لبنانية تؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية.

كما أن من المهم الوقوف على رأي هذه الدول، مع أن الاستحقاق داخلي وأن اتفاق الداخل يمكنه أن يخرق أي جمود خارجي وأن ينتخب النواب الرئيس.

وتؤكد المصادر، أن التوافق الخارجي حول الرئاسة مستحيل أن يحصل في هذه المرحلة، لكن على اللبنانيين أن يدركوا أن المردود الدستوري للعقبات أمام الانتخاب سلبي، وعجلة الدولة في موقف صعب، ولا أحد يستطيع أن يفعل شيئاً، وبالتالي يجب أن يتوافر الوعي لكل هذه المعاناة، وضرورة الخروج منها.

الوضع العربي غير مريح، اليمن مدمر وسوريا يجري تدميرها، والعراق مفتت، وليبيا غير واضحة المعالم السياسية. ولبنان على كف عفريت، وليس هناك من خطة اقتصادية عربية، ولبنان يحتاج إلى صحوة وكذلك ليس من بوصلة موحدة عربية، وهذه الصورة تنطبق من المغرب العربي وحتى اليمن.

فضلاً عن ذلك، أن المصالح التركية والإيرانية والإسرائيلية، تتنافس على الحقوق العربية.

وفي كل هذا المناخ القاتم، ليس مسموحاً الترف السياسي، بل التعالي عن المصالح الشخصية لمصلحة الوطن. الوضع في لبنان لا يزال أفضل من أوضاع دول المنطقة، ولم يحصل انفجار داخلي، لكن هناك تحديات كبيرة داخلية، والجيش اللبناني والقوى الأمنية يقومان بأقصى الجهد للإبقاء على الاستقرار قائماً، ولمواجهة المخاطر الإرهابية.

هناك انتخابات رئاسية أميركية في أقل من شهر، وانتخابات رئاسية السنة المقبلة في كل من فرنسا وإيران. إلا أن لبنان يجب ألا ينتظر انتخابات أي طرف، وفقاً للمصادر، وعليه التفكير في طريقة تنهي الفراغ الرئاسي والمأزق الحالي بأقل الخسائر الممكنة.

مصادر ديبلوماسية بارزة، تؤكد أن الخارج الذي لطالما كان يتدخل في الاستحقاق الرئاسي، لم يعد هذه المرة مثل السابق وطرأت عليه اهتمامات أخرى. وليس لديه موقف يدفع بقوة في اتجاه معين، ولا موقف حاسم. والسؤال هل الداخل في مقدوره أن ينتج رئيساً، أم يبقى يعتمد على الخارج؟ في الداخل هناك مساع جدية، والداخل يعني توفير 86 نائباً للانتخاب.

الدينامية الداخلية الحاصلة تستطيع إنتاج رئيس إذا انسحب رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية ويصبح الموضوع مؤكداً. وحتى الآن لن ينسحب، وإذا أُحرج الرئيس نبيه بري في حال حصل تأييد من معظم الأفرقاء، وهذا كله إذا حصل في البداية إعلان الرئيس الحريري دعم رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون للرئاسة. وبالتالي، بحسب المصادر، أن إنتاج الرئاسة لبنانياً ممكن، لكنه غير مضمون. حتى الآن لا يوجد مرشح خارجي، ولا اتفاق أميركي – روسي حول الرئاسة ولا حتى اتفاقاً مع إيران، بل أن معظم الخارج لا يرى أن هناك ضرورة قصوى لحصول انتخابات في لبنان، الاتفاق بين الخارج بشكل عام هو النأي بلبنان عن المشاكل، والحفاظ على أوضاعه مستقرة.