لا تستبعد مصادر ديبلوماسية بارزة، أن يتّخذ حزب الله موقفاً إيجابياً من إعادة التأكيد على حياد لبنان والنأي به، وذلك من خلال الاتصالات الجارية لإنجاز التسوية الداخلية الجديدة.
وتقوم هذه المعطيات على اساس انّ تطوّر الاوضاع في كل من سوريا والعراق واليمن لم يعد يشكل لدى الحزب ضرورة للتدخل، فيسلّف هذا الموقف لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون لتسهيل التوصل الى التسوية.
وتشير المصادر، الى ان كل التوقعات ترجح وجود مرونة الى حد ما من الحزب، بشكل يتم معه الحفاظ على الاستقرار، لا سيما وان هناك إصراراً خارجياً على امن لبنان واستقراره، وان اي زعزعة له ستُدخل البلاد في دوامة لا تنتهي، وبالتالي، سيقدّم الحزب تنازلات حتمية ولو محدودة لاستمرار الحكومة. اذ ليس هناك اية خطط اقليمية لتفجير الوضع اللبناني، وليس من مصلحة لاي طرف في ما يعاكس الاستقرار، خصوصاً في مرحلة تذهب فيها الازمة السورية في اتجاه التحضيرات للتسوية السياسية. مع الاشارة الى ان قرار الحزب حول السلاح ليس هو قرار لبنان وليس لديه موقف نهائي في ايجاد حل، الا عندما تصبح هناك تسوية خليجية – ايرانية. فالطرفان الخليجي والايراني لا يمكنهما ان يستمرا في الحرب بالوكالة. فإما ان يتواجها فعلياً او ان يجلسا الى طاولة التفاوض. وليس هناك من حل آخر.
وتلفت المصادر، الى ان انعقاد مجلس الوزراء هذا الاسبوع يشكل مؤشراً قوياً على اقتراب نضوج التسوية المطلوبة. كذلك مشاركة لبنان والرئيس سعد الحريري بالذات في انعقاد مجموعة الدعم الدولية حول لبنان في باريس يوم الجمعة المقبل.
كان الاتجاه الغالب للاتصالات الثنائية بين الرئيس عون والقيادات السياسية في البلاد من اجل التوصل الى تسوية تُريح البلد من الضغوط التي يتعرض لها، والتي بنيت على خلفية الصراع الاقليمي، ودخول “حزب الله” كطرف في هذا المجال.
وهذا الاتجاه كان يغلب الاتجاه الى طاولة حوار، لا سيما وأن مبدأ النأي بلبنان لم يعد يحتاج الى تأكيدات، وفقاً لمصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، بل يحتاج الى بلورة معنى عملي له. على ان هناك بوادر جدية في مجال النأي برزت، لكنها لا تزال بحاجة الى توضيح وتدقيق. فهل ينسحب الحزب من سوريا ام لا، وهل سيكتفي بالقول انه لا يتدخل في اليمن؟ ومن يدقق في التنفيذ العملي للنأي؟ كلها امور ليست سهلة، الا في حالة وحيدة، وهي حصول حل اقليمي كبير. ففي سوريا ستنتهي المسألة قريباً وفي العراق انتهت الامور، وفي اليمن يقول الحزب انه لا يتدخل.
ويتزامن الامر مع اتصالات ثنائية فرنسية ـ اقليمية لخفض التوتر والاندفاعات التي لا توصل الا الى الصراعات. والاتصالات الثنائية اللبنانية جيدة، لانه في حال تم الجلوس الى طاولة حوار ولم يصل الى نتيجة، سيكون هناك احباط عارم.
وتؤكد المصادر حصول تحليلات حول كلمة النأي، فهي تتضمن تحييد لبنان عن ازمات المنطقة والذي كانت تمت المطالبة به في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان، وهي الا يذهب مسلحون من لبنان الى سوريا، او الى اي بلد عربي آخر. وتلفت المصادر، الى ان حل الازمة يكون متدرجاً، وفي اساسه موضوع النأي الفعلي. وتحت هذا الاساس يندرج اولاً توقف الحملات الاعلامية، وهو الامر الذي يخلق جواً من شأنه تهيئة الاجواء للبحث. من الواضح ان الخليج ذاهب الى الاخير في هذا المسار الا اذا لعبت بعض الاطراف الدولية دوراً في تقريب وجهات النظر بين الخليج وايران. ثم يُفترض ان يثبت الحزب اقواله بعدم التدخل في اليمن بالافعال، ليتم تصديقه، كما يجب وضع نوع من التواريخ في ما خص الانسحاب التدريجي من سوريا، ثم العمل لوضع استراتيجية دفاعية وطنية. نزع السلاح نصت عليه القرارات الدولية، ومن الآن والى حين تنفيذها بالكامل، يفترض عدم انخراط هذا السلاح في معارك خارجية، ذلك ان امتلاكه فقط مسألة مختلفة عن استعمالاته وتوظيفه. ومن المهم ان لا سلاح يخرج الى الدول العربية.
هناك خطوات عدة استطاعت السلطة اللبنانية التوصل اليها عبر السنوات الماضية لحماية لبنان من الازمات الخارجية، وهي الآن يمكن الاستفادة منها للخروج من المأزق، ويجب ايضاً تطويرها والبناء عليها لدرء المخاطر، وهي النأي بلبنان، وتحييده عن ازمات المنطقة، والعودة الى انعقاد مجموعة الدعم الدولية للبنان، والتي لم تنعقد بعد حصول الانتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة جديدة، وبالتالي يجب عقدها والاستفادة من الدعم الدولي لاستقرار لبنان الامني والسياسي والاقتصادي ومعالجة ازمة اللجوء السوري. ثم هناك مبدأ الاستراتيجية الدفاعية. ويشكل انعقاد المجموعة مؤشراً قوياً ورسالة سياسية من المجتمع الدولي حول استمرار دعمه لاستقرار لبنان.