IMLebanon

تجربة الدولة وحدها الفريدة

 

 

التجربة الفريدة التي يجب أن يعتمدها لبنان هي الدولة القوية صاحبة القرار والسلاح وحدها. هذه التجربة لم يعتمدها لبنان أبداً وهي الوحيدة التي ستكون ناجحةً في إخراج لبنان مما هو فيه سياسياً واقتصادياً، فكل التجارب الأخرى منذ الاستقلال وحتى اليوم كانت تجارب فاشلةً لم توصل سوى إلى الخراب.

 

في لبنان كانت تجربة الولاءات الخارجية هي السائدة فتسببت بنزاعٍ حول استقلال لبنان، ثم كان نزاع على خلفية العروبة ونهج جمال عبد الناصر والصراعات العربية التي تسببت بما يعرف بثورة الـ58، ثم كان نزاع على خلفية الولاء لمنظمة التحرير الفلسطينية وما جره هذا الولاء من نكبات طالت لبنان واللبنانيين، ثم كان نزاع على خلفية الولاء للوصاية السورية وتحكّمها بكل مفاصل البلاد والعباد، ثم اندلع وما زال، نزاع على خلفية الولاء للجمهورية الإسلامية الإيرانية ما ورّط لبنان في صراعات المنطقة وأوصد في وجهه الاهتمام العربي والدولي الذي لطالما حظي به. قد يرد البعض في المقابل بالحديث عن ولاءاتٍ خارجيةٍ أيضاً من قبل فرقاء آخرين، مثل الولاء لفرنسا والولايات المتحدة والسعودية وصولاً إلى اتهام البعض بالولاء لإسرائيل. هذا الحديث هو في مجمله لا أساس له وهو كلام يُراد منه تبرير ولاءات وخيارات الآخرين، التي دفعت البعض أحياناً للتعامل مع «الشيطان» كي ينقذ نفسه من تهديدٍ وجودي حمل لواءه لبنانيون وغرباء ضد من يفترض أن يكونوا شركاءهم في الوطن. ولو سلمنا جدلاً بالولاء للغرب وللعرب، فالنتائج التي أسفر عنها هذا الولاء كانت لمصلحة لبنان واللبنانيين، وفي هذا السياق اندرج إتفاق «الطائف» و»مؤتمرات باريس» المالية والاقتصادية وصولاً إلى اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل.

 

تجربة الدولة القوية صاحبة القرار والسلاح وحدها هي التي يفترض بالرئيس العتيد والحكومة العتيدة أن يعملا على أرسائها، إذ لا يجوز أن تقرّ الدولة اتفاقاً حدودياً يفترض أن يضمن الاستقرار والازدهار، فيأتي فريق لبناني ضارباً عرض الحائط كل ما تحقق من خلال الإشارة إلى أنّ الاتفاق لا يرتب أيّ ضمانات أمنيةٍ، فهل يعني ذلك أن هذا الاتفاق مباح إسقاطه في أي لحظة؟ وما هو موقف الموقعين على هذا الاتفاق من هذا الكلام؟ ألا يبرر هذا الكلام لإسرائيل أيضاً أن تتنصل في أي لحظة من هذا الاتفاق؟ ألا يحرم، استخدام الحدود البحرية لإيصال رسائل إقليمية إذا حصل، لبنان من ثرواته الغازية والنفطية؟ ألا يثير القول بأن الاتفاق لا يرتّب ضمانات أمنية قلق الشركات العاملة في مجال النفط والغاز وقد يثنيها عن عملها في لبنان؟ قد يكون البعض يريد أن يوصل رسائل لجمهوره الذي ربما أثار الاتفاق شكوكه بكل الشعارات السابقة، رسائل تقول إنّ أي اعتراف بإسرائيل لم يحصل وإنّنا ما زلنا على حال العداء معها والتصميم على إزالتها من الوجود، ولكن حقيقة الأمر مختلفة لمن يريد أن يرى ويقرأ ويفهم.