IMLebanon

مرحلة الإبتزاز ودق الأسافين

اذا رضخ رئيس الحكومة المكلّف تشكيل اول حكومة في العهد العوني، لضغوط القوى التي كانت رأس حربة في اشاعة الفراغ في البلاد، بعد تعطيلها انتخاب رئيس للجمهورية، ورفضت العماد ميشال عون، كمرشح للرئاسة الاولى، واقترعت ضده في مجلس النواب، وسلّم لها مع سيّد العهد، بشروط تفرضها عليهما، والاّ لا حكومة في المدى المنظور، فهذا يعني ان عهد الرئيس العماد عون، المستند الى شرعية حزبية، وشرعية مسيحية بعد تفاهمه مع حزب القوات اللبنانية، وشرعية ميثاقية بعد تفاهمه مع تيار المستقبل، والحزب التقدمي الاشتراكي، ونصف المكوّن الشيعي، لن تسير عربة حكمه الاّ بقوّة التنازلات المستمرّة، امّا اذا لجأ العهد برئيسيه، رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة، الى القوى الثلاث التي أوصلته الى قصر بعبدا، الحزبية، والمسيحية، والميثاقية الوطنية، فانه يربح عهده، ويربح الدولة والوطن والشعب.

الوحدة الوطنية، لا تتحقق بحكومة يحشر فيها ما هبّ ودبّ، من وزراء، على استعداد في اي وقت لقلب الطاولة على الحكومة والحكم، او في احسن الاحوال، قياساً على الماضي، ادخال وزراء لا همّ لهم سوى المشاكسة والمشاغبة سبيلاً لاحراجها فإخراجها، بل تتحقق بحكومة تنشط في محاربة الفساد، وتفعيل الادارات العامة بعد تنظيفها من المرتشين والفاسدين، وفي تأمين الماء والكهرباء والمدارس والعمل، ووقف الهجرة والهدر في المال العام، وحماية لبنان من مكائد الطامعين فيه، والاهم في وضع قانون للانتخابات النيابية يرضي الاكثرية الساحقة من اللبنانيين، في الوطن وعالم الانتشار، ويجب الاّ يخفى ايضاً أن الثنائية الشيعية، التي وان كانت تريح اهلنا الشيعة، وهي مطلوبة وطنياً، الاّ انها عند تشكيل الحكومات، تشكّل حالة معرقلة، عند استعمالها لفرض شروط، أو طلبات يصعب تحقيقها وقبولها، وعندما يصرّح النائب محمد رعد، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، ان حزب الله وحركة أمل في مركب واحد، فكأنه يقول، نريد هذه الحقائب الوزارية، ونريد توزير حلفائنا، او نغادر معاً مركب الحكومة، والشاطر، يوزّر نواباً شيعة، ولا يمكن ان تكون الحملة المتصاعدة ضد حزب القوات اللبنانية، ومحاولات تصنيفه شعبياً ونيابياً، مثله مثل احزاب وكتل النائب الواحد او النائبين، الاّ تعبيراً عن نيّة في تحجميه او اقصائه، او دقّ اسافين بينه وبين حلفائه واصدقائه، مثل التيار الوطني الحر، وتيار المستقبل، وحزب الكتائب.

* * * *

بالنسبة الى الجماهير الشعبية التي تدفقت امس على قصر الشعب في بعبدا، اول صورة انطبعت في ذهني هي ان هؤلاء كانوا جزءاً اساسياً من الجماهير التي تدفقت على ساحة الشهداء في 14 اذار 2005، وحملوا لافتات «الحرية والسيادة والاستقلال» وهتفوا بخروج الجيش السوري من لبنان، وضد من تظاهر تحت شعار «شكراً سوريا»، كما استعدت ما صرّح به منذ ثلاثة أيام وزير الداخلية نهاد المشنوق الى جريدة الشرق الاوسط، حيث أكّد ان ميشال عون رئيس التيار الوطني الحر، هو غيره رئيس الجمهورية اللبنانية، فهذا الكلام غير دقيق لأن اللبنانيين يراهنون على ان يطبّق عون الرئيس، المبادئ التي اطلقها عون، رئيس التيار الوطني الحر، ولكن مع ذلك فإن العتب كبير على الرئيس عون، لاعتباره ان القوات اللبنانية كانت دولة، مثل دولة الفلسطيني، والاشتراكي والأملي، وهو يعرف ان القوات، حلّت مرغمة محل الدولة، عندما انهارت امام الاجتياحات الفلسطينية والسورية والحلفاء في الداخل اللبناني، وكانت «طريق القدس تمرّ بجونيه».