تتوقع مصادر سياسية ان يحظى لبنان في اجتماع مجموعة الدعم الدولية في نيويورك هذا الاسبوع بجرعة معنوية داعمة لجهود الحكومة اللبنانية التي تبقي الحد الادنى من تماسك السلطة السياسية، في ظل تداعيات متعددة ومختلفة للازمة السورية عليه. وهذه الجرعة يمكن ان تستفيد منها الحكومة من أجل مزيد من الطمأنة الى وجود مظلة دولية تستمر في تقديم الدعم للجيش وتحاول ان تقي لبنان انعكاسات ما يجري في المنطقة، بما يمكن ان يساعده مرحليا على غرار ما حصل خلال الاعوام الثلاثة الماضية من عمر الازمة السورية. وفيما لا يرتقب في أي شكل اعلان المزيد من المساعدات للجيش، باعتبار ان الكثير منها قيد التنفيذ وليس هناك ما يمكن اضافته، فانه قد يكون مطلوبا من لبنان في المقابل ان يبذل جهدا من أجل اظهار تماسكه ووحدته، وخصوصا عبر التوجه الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية يترجم توافقا داخليا حقيقيا في هذه المرحلة بالذات، ويساعد على لململة الوضع والمحافظة على المؤسسات الدستورية. وهو جوهر ما تكشف مصادر سياسية انه قد يتم التوجه به الى لبنان، فيما يبدو ان الجهد الاكبر المطلوب هو من الافرقاء السياسيين قبل الخارج.
وسجلت هذه المصادر محاولة رئيس الحكومة تمام سلام جاهدا اثر لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري وقبيل تصعيد ميداني في عرسال وانهيار المفاوضات لتحرير الرهائن العسكريين، اظهار وحدة موقف القيادات اللبنانية مما يجري في مسألة الرهائن العسكريين. فأدلى من على باب مقر الرئاسة الثانية في عين التينة – بما يحمل ذلك من مغزى رمزي – بموقف لم يخل من تكرار لما لا يقل عن عشر مرات لكلمة “وحدة أو تضامن أو تعاضد”، كاشفا عن ثغرات ونقاط ضعف في المواقف السياسية خلال الاسابيع الماضية لم تنم عن الوحدة، خلال الجدل حول تحرير الرهائن العسكريين. وتخشى مصادر سياسية الا يكون جهد سلام كافيا لإيصال رسالة قوية في هذا الاطار، ان لجهة تأكيد وقوف الجميع صفا واحدا وراء الجيش ودعمه فيما الوزراء يعبرون خارج مجلس الوزراء عن مواقف متناقضة، أو لجهة الايحاء الى خاطفي العسكريين ان من يواجههم هو دولة بقرار واحد موحد، علما ان الاعتماد على وساطة الخارج من أجل تحرير الرهائن يفترض ان تخفف تناقض المقاربات الداخلية. ونظرة واحدة الى التصريحات التي يطلقها مسؤولون سياسيون من كل الاتجاهات، تظهر مدى التباعد في مقاربة موضوع دعم الجيش، ولو ان الجميع يتحدث عن هذا المبدأ ويدفع به قدما على الصعيد النظري فحسب وتظهر في هذا السياق محاولات لتوظيف الجيش لغايات سياسية أو سواها، تبرز مدى التباعد في مقاربة موضوع العسكريين المخطوفين وسبل تحريرهم، عدا عن التباعد في كل المواضيع من التحالف الدولي لمواجهة الارهاب، الى اصغر الشؤون الحياتية. وفيما لا ينفي هذا في المقابل تسجيل ايجابية كبيرة في مواقف الافرقاء المؤثرين، وخصوصا “حزب الله” و”تيار المستقبل” العاملين بقوة على استيعاب الشارع وتأكيد وجوب منع الفتنة وتهدئة ردود الفعل على استهداف العسكريين واحدا تلو الآخر، والتي لا تزال حتى الآن تمنع انزلاق لبنان الى فتنة مذهبية تذر بقرنها في لبنان، فإن ثمة مواقف سياسية من هذا الجانب أو ذاك لا تساعد ولا تخدم اطلاقا هذه الايجابية ولا تصب في خانتها. فجرح عرسال بات نازفا على نحو خطير، بحيث قد لا تعود تنفع معه المقاربة التقليدية المعهودة، اذا كان ثمة قرار حقيقي بحماية البلد ودرء الفتنة في ظل مخاطر متصاعدة.