كأن لبنان في أوج الاحتضار.
قد يكون كذلك.
إلاّ أن لبنان يقاوم الاحتضار.
يصارع الأزمات.
لكنه يبقى وطن المعجزات.
وهذا يعني ان لبنان، يتطلب حواراً.
والحوار غير الصراع.
والناس، تسمع سياسيين ينادون، بما ينادي به هذا الفريق.
وتسمع آخرين يغرِّدون بما يغرّد به الفريق الآخر.
وكأنَّ هناك مباراة، يفعل كل فريق، ما يرضي فريقه، لا ما يرضي لبنان الوطن.
السادة الوزراء يتصرفون بما يرضي الذين اقترحوهم للتوزير.
إلاّ أن الناس، نادراً ما تسمع، ما هو المطلوب لانقاذ الوطن.
كان الوزير جورج نقاش صاحب الأوريان يعارض معظم مطالب السياسيين.
إلاّ أن الرئيس فؤاد شهاب، لم تكن تروقه دائماً ملاحظات الوزير الصارمة في معارضته نهج أهل السياسة.
إلاّ أنه كان يميل الى وجهات نظره الممعنة في معارضة ذوي المطالب الخاصة لا العامة.
وذات يوم أوضح فؤاد شهاب، ان للسياسيين وجهات نظر حريّة بالدرس والمسايرة، اذا لم تكن مجافية ل اكتاب، وهو التعبير الذي كان يطلقه على الدستور.
***
عودة الى الوضع الراهن.
وزراء ٨ آذار مع كل ما يراه الفريق المعارض ل ١٤ آذار.
ووزراء المستقبل ضد كل ما يطالب به الجماعة المؤيدة للرئيس فؤاد السنيورة.
وتبقى الحلول السياسية، معلّقة على مواقف الرئيس سعد الحريري.
والقصة محتدمة، وساخنة.
وحده رئيس مجلس الوزراء، العائد من جمهورية مصر العربية يقوم ب مهمة تبريد المواقف، ويتجه الى تعليق اجتماعات مجلس الوزراء معظم أيام شهر رمضان المبارك.
دولته يقوم بمهمة التبريد.
والوزراء يقومون ب التسخين.
والنواب من هذا الفريق أو ذاك، يسترسلون في تصريحات لا فائدة منها، غير تبييض الوجوه.
كان الأستاذ يوسف ضو صاحب موقف سياسي في بلاد البترون، وكان يجمع في داره الرؤساء الكبار، ولا سيما الرئيسين أمين الجميّل وسليمان فرنجيه خصوصاً، لكنه كانت له حكمة: التوفيق لا التخوين.
بعد ربع قرن، يحلو للسادة الوزراء، ان يزايدوا على بعضهم بعضا.
ولا ينفك بعضهم عن الامعان في الخلافات.
لكن الوزير الدكتور اميل بيطار كان يسترشد بآراء والده يواكيم بيطار لردم الفجوات في المواقف.
ظل اميل بيطار يتردد على مسقطه كفيفان حتى رحل شهيدا في مرض تسربت اليه عدواه، وهو يناضل من اجل خفض سعر الدواء، ويكافح الامراض المحدقة بالناس.
إلاّ أن مقاومة الميكروب لا تقل ضراوة عن مقاومة المرض، لأن التطرف هو مرض العصر!