IMLebanon

التطرف في الاعتدال

 

من أبرز ما جاء في خطاب الرئيس سعد الحريري في «البيال»، بمناسبة مرور عشر سنوات على اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، جمع المختلفين: الاعتدال في التطرف أو التطرف في الاعتدال. جمع النقيضين في كلمتين «متوازيتين ومتوازنتين ومتلازمتين لتصيرا كلمة واحدة. وهذا لا يعني انه لا اعتدال في التمسك بالقضايا الكبرى الوجودية والوطنية والاجتماعية، وإلا يُصبح «الاعتدال» ناقصاً أو مقصراً: لكي لا نقول غير مجد. لا اعتدال في مسألة السيادة بل تطرف في التشبث بها. فالاعتدال جزء من التطرف، والتطرف جزء من الاعتدال. ولا اعتدال في مسألة الديموقراطية وعندها يصبح مساساً بجوهرها وانتقاصاً من ضرورتها. وتنازلاً عن الحاجة إليها. وكذلك الأمر في مسألة الدستور والحريات والدولة والكيان اللبناني. وقيم الجمهورية والتاريخ. والإرادة الشعبية والقانون والتعددية والدولة والاختيار وحقوق المواطن والأفراد والجماعات. ومناصرة الحق والاستقلال.. هذه القضايا الجوهرية ليست من لغة الاعتدال التي توحي منزلة بين المنزلتين: أو تجزئة الكل. أو التفريط في الجوهر. فمقابل التطرف في الخروج على الدولة وتركيب الكانتونات والارهاب والاستئثار الفئوي وتعطيل المؤسسات والتبعية للخارج والانعزالية وإعدام مشيئة الشعب والأكثرية وتزوير القيم الدينية والمدنية والقفز فوق البديهيات وتزييف الانتماءات، هناك تطرف الاعتدال، (لا اعتدال التطرف) المتاع الحقيقي اللازم للدفاع عن الثوابت الوطنية والديموقراطية والسيادية. ونظن ان هذا الطرح الذي قدمه الرئيس سعد الحريري هو افتتاح جديد لبوابات جديدة اغلقت منذ 1969 وحتى الآن.

التطرف في العنف الميليشيوي سابقاً انتج التطرف المذهبي (أو العكس) والحروب والتوافق التي دخلت منها الوصايات، فالوصايات والاحتلالات التي عرفنا وخبرنا، هي التطرف في السلبي، القاتل. والمسألة، ان التطرف من أجل السلم الأهلي والتعددية المعرفية والسياسية والدينية غاب طويلاً وكان السبب في إرساء كل هذه التراكمات التي ما زلنا نعاني منها. ونظن أن كل ما يحيط بنا اليوم من عنف وقتل وارهاب وتعصب قاتل واستبداد، كان موجوداً من قبل وسائداَ. حتى بات من المسلمات بل إلى درجة قيل فيها إن لبنان لا يمكن ان يحكم إلا بالتطرف الاستبدادي وبالأدوات الخارجية. كل ما يحدث اليوم في لبنان (مع حزب الله و8 آذار) سبق ان حدث عندنا عندما كانت للوصايات والدكتاتوريات الخارجية الأيدي الطولى. واذا كنا نتكلم على «داعش» و»النصرة» في لبنان وانصار الله في اليمن، وأحزاب الله في العراق… فكأننا نتكلم على الأنظمة التي انتفض ضدها الربيع العربي: من ليبيا إلى سوريا، إلى اليمن، والعراق… هذه الأنظمة المتطرفة في جنونها الجانحة في قمعها واستبدادها وكراهيتها لشعوبها، واحتقارهم واهدار دمهم، وتقطيع أوصالهم ورميهم في السجون واخضاعهم لأرهب أنواع التعذيب، هي داعشية. داعشية في إيران الملالي، قمع النظام، «ربيع طهران» بالقوة والقتل والتخوين والتكفير. وهذا ما فعلته الأنظمة الموازية له. هنا التطرف في إعدام القيمة الانسانية والنفس البشرية، والحقوق المدنية بحيث «شُيئ» الفرد وسُحقت الجماعة وخنقت «الروح» المقاومة والاحتجاجية وحتى مستويات «الشكوى» اليومية والاعتراض والفقر…

هذا التطرف الإرهابي الذي نشهده اليوم انجبته هذه الأنظمة «الثورية» التافهة على شاكلتها. فالتطرف الشعبي احياناً رد فعل طبيعي على تطرف الظلم والاستلاب والخوف والمعاناة، فما الفارق بين «داعش» مثلاُ والنظام السوري: هو الفارق بين نهاية الأبوة وبداية التماثل: أكثر من أوديبية وأكثر من خلافية وأكثر من وراثية. انها طِبق الأصل عن هذه الأنظمة. ازاء تطرف الأنظمة البائدة في انتهاك حقوق الانسان، كان العالم «معتدلاً» (بل متواطئ) معها، وكأنها من البديهيات، في تبادل المصالح والسكوت عن المظالم. الاعتدال في مواجهة التطرف السابق ادى إلى نمو هذه المسوخ المتطرفة اليوم. بل أكثر: بعض الدول الديموقراطية الغربية الكبرى ذهبت إلى احتضانه أو دعمه، تعبيراً عن مساومات. بمعنى ان الاعتدال في التطرف هنا يعني أولاً وأخيراً مباركة التطرف في الدكتاتورية. حضنوا حافظ الاسد بعد مقتلة 1982، دعموا التطرف ورعوا دخول قواته إلى لبنان. ودعموا الاحتلال الاسرائيلي وغزوة لبنان (1982) والاحتلال الاسرائيلي في فلسطين. دعم التطرف التوسعي الإيراني الجامح، لم تأنفه الديموقراطية الغربية المزعومة والحوار القائم بين إيران والولايات المتحدة شاهد آخر على ذلك. لأنه لا تعالج لا ممارسة نظام الملالي الاستبدادي في بلده ولا توسعه في لبنان وسوريا والعراق واليمن. فهذا من لغة الدبلوماسية، دبلوماسية القتل هذه. دبلوماسية المصالح المشتركة. كأن العالم اليوم (وأمس) لا يحكمه ويتحكم به سوى تبني «الاعتدال الظاهر في مواجهة التطرف السياسي والعسكري واستباحة حقوق الانسان» ولهذا لا يمكن اعتبار ذلك سوى «اعتدال» التواطؤ على الأساسيات. 

وعندما تفجر «الربيع العربي» بجموعه السلمية وشعاراته الديموقراطية والمدنية وتظاهراته المليونية الجماهيرية في وجه تلك الأنظمة كأنما اختلت موازين هذه الأنظمة الغربية رافضة هذه الديموقراطية وحق الشعوب في تقرير مصيرها. 

خافت المراجع الغربية من ديموقراطية «الغير» ذلك الغير الذي لطالما نظرت إليه كمجرد رعايا، وقصّار وجهلة لا يستحقون ان يختاروا لا حُكامهم ولا أنظمتهم. انه عالم جديد بالنسبة اليها في هذا الشرق العربي. كأنها اعتادت التعامل مع التطرف القديم القاتل للأنظمة ضمن قوانينه وأحكامه وذهنياته.

ولأن الغرب اعتاد التعامل مع تطرف «الأنظمة» الاستبدادية باعتباره من البديهيات المريحة لها أو من الضرورية الخلافية، فها هي تواجه ظاهراً وسراً، تطرف الشعوب العربية لاسقاط التطرف الاستبدادي. وما الربيع العربي سوى ما قال الرئيس سعد الحريري: الاعتدال المتطرف من أجل الحريات، المتطرف في المطالبة باسقاط ظواهر الطغاة المكرسة حيث باتت كأنها من ارث هذه الشعوب التي كانت مغلوبة على أمرها عقوداً وعقوداً. وما مواقفها الاستعلائية المشينة مثلاً من الربيع العربي في سوريا إلا امعان في «تطرفها» المؤيد للتطرف الجامح للنظام السابق. فالربيع العربي هو فرصة الاعتدال السلمي المدني، عن طريق التطرف السلمي المدني والاحتجاجي والديموقراطي. أبى أوباما ذلك وشكك في التطرف الشعبي والديموقراطي ومنع كل المساعدات واشكال الدعم المعنوي والأسلحة عن «الثوار» وتحديداً عن الذين شكلوا المواجهة السلمية الأولى الكبرى مع نظام البعث.

الجيش الحر

بل أخد بعضهم يتهم الائتلاف السوري والجيش الحر، بالتطرف. تطرف ماذا؟ تطرف في اسقاط النظام! اي بات اسقاط النظام المتمادي في ظلمه وطغيانه هو تطرف «مُدان» ومرفوض. أف! حتى البديهيات الصغرى والكبرى داسها أوباما فكأنه يدوس وجهه ونفسه وتاريخه ومزاعمه وثقافته وموقعه وهذا ليس جديداً. وهل مارست الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية الستينات والسبعينات غير ذلك، الانحياز إلى الدكتاتوريات العسكرية. وماذا عن موقفها من الصراع العربي الصهيوني؟ انحازت إلى التطرف العنصري مقابل التطرف الفلسطيني في المطالبة بدولة مستقلة قابلة للحياة لا! التطرف الشرعي إزاء تطرف الإلغاء والاحتلال. وعندما قال الرئيس سعد الحريري إنه «متطرف» من أجل الحرية، والديموقراطية، والجمهورية، فإنه رد على عصر كامل من التواطؤ على الشعوب التي تجرأت، و»تطرفت» من أجل حرياتها وهي كثرى. والغريب، المضحك المبكي، أن الولايات المتحدة التي حاصرت الثورة الشعبية في سوريا (لدعم النظام البعثي تشاركها إسرائيل وإيران وبوتين في ذلك)، ودانت ظاهرة داعش، واصفة إياها بأبشع النعوت (وهي محقة في ذلك)، ساعدت نظام المالكي في العراق، باضطهاد السنة، وخصومه «المعتدلين» حتى في مطالبهم الأولية. ولم تبد الكثير من الاهتمام بتدخل إيران والحرس الثوري وحزب الله في سوريا، والعراق، بل وكأنها اعتبرت أن الانقلاب الحوثي (الفارسي)، قضية داخلية(!)، لا أكثر ولا أقل. وها هي تهب (والحمد لله أنها استفاقت أخيراً)، وجاءت بطائراتها إلى العراق وسوريا: لا لتضرب داعش المتمدد، ولا النصرة، بل لتدافع عن الاحتلال الإيراني للعراق. ولم تأت بطائراتها لتقصف في سوريا توسّع «الإرهاب» التكفيري، بل لتدعم ارهاب نظام الأسد، الذي استولد «داعش» كما استولد الحركات الإرهابية وأرسلها إلى العراق (وكانت نواة داعش)، كما استولد ظاهرة شاكر العبسي، هذا الإرهابي العميل، في نهر البارد.

إن خطاب الرئيس الحريري بمجازه الجديد «التطرف» عند أهل الاعتدال، كأنه استكمال لتفجر ثورة الأرز، التي كانت «تطرفاً» سلمياً ضد تطرف الوصاية السورية القاتل، والمجرم، والمهيمن. وكل الانتفاضات السلمية في العالم قامت على مقولة «التطرف» في الانحياز إلى الحرية والسيادة والاستقلال والديموقراطية. فالاعتدال ينجب التطرف الجميل. التطرف المبدع. لا الفوضى، ولا الخراب، ولا الإرهاب. إنه «تطرف» المظلومين في وجوه الظلمة. وعندما يُعلن الرئيس سعد الحريري ذلك في بيروت، من منصة الاحتفال بالذكرى العاشرة لاغتيال والده، فهذا يعني أنه «التطرف» الضروري المطلوب من أجل العدالة والمحكمة. وهو التطرف من أجل سيادة لبنان، والدولة، والجيش، والقوى الشرعية، والوحدة الوطنية، والديموقراطية: أي التطرف من أجل ثقافة الحياة، في مواجهة ثقافة الدم، والقتل. كأنه رد مسبق على الخطاب المتطرف الآخر الذي ألقاه السيد حسن نصرالله: دعوته اللبنانيين إلى «اللحاق» بحزبه إلى سوريا والعراق (وربما غداً يجدد الدعوة إلى اليمن والبحرين).

الدعوة المفخخة

وفي هذه الدعوة «المسمومة» استمرار في التطرف بالاستئثار، واحتكار قرارات الحرب والسلم، والتشبث بالتمادي في الخطأ. والغريب أن «حزب الله« ينتقل من «تطرف» إلى آخر بوتائر متصاعدة: فهو استدرج إسرائيل إلى حربها على لبنان، من دون أن يدعو «أحداً» من اللبنانيين، ولا من أهل الدولة، ولا الجيش، ولا الحكومة، ولا البرلمان، إلى مجرد المشورة. وسبق أن أُنشئت له في الجنوب من لدن إيران مقاومة مذهبية، مغلقة، استفردت مواجهة العدو، وكانت بديلاً من المقاومة الوطنية العلمانية. فنشوء مقاومة «حزب الله« لم تكن سوى بداية متطرفة سجلها النظامان الإيراني والسوري في الهيمنة على قرارات الحرب والسلم، والمقايضة بها من الجنوب في أيدي المقاومة الفلسطينية، إلى الجنوب (ولبنان) في أيدي المقاومة «الشيعية» المرتهنة كلها لهذين النظامين: تطرف مزدوج أولاً يفصل اللبنانيين عن حقوقهم بالمشاركة في المقاومة، وتطرف الحزب بالعمالة للخارج. والدليل أنه بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الجنوب، حل محله احتلالان سوري وإيران، وبأداة واحدة هي حزب الله!

فالحزب يخضع للقرار الإيراني وينفذه، ثم يدعو اللبنانيين للحاق بهذا القرار الخارجي. وهذا ما فعله عندما أُريد له أن ينخرط في قتل الشعب السوري وثورته، دفاعاً عن النظام الطاغية؛ ذهب وحده، لكنه استجلب إلى لبنان التطرف والإرهاب فصار عندنا اليوم تطرفان: الإيراني والداعشي.

الزجلية

اليوم، وبعدما اختلطت كل الأوراق الحربية، والجغرافية في سوريا والعراق، ها هو يدعو اللبنانيين إلى الذهاب معه. إلى أين، سوريا والعراق، فكأنها دعوة رسمية من مُرشد الدولة إلى رعاياه. يدعو اللبنانيين إلى حمل السلاح لمحاربة الشعبين السوري والعراقي بذريعة محاربة داعش، وكأنه هو الذي يسمح للآخرين متى شاء بحمل السلاح، أو بتحريمه. يطلق السيد حسن نصرالله هذه الدعوة «الزجلية» بعدما عطل (بأمر إيراني) انتخاب رئيس للجمهورية (8 أشهر)، وبعدما عطل مجلس النواب، وشارك في حكومة كل وزرائها باتوا رؤساء جمهورية. وهنا بالذات التطرف الخطر في ضرب الدولة فهو في دعوته يعلن نهاية الجمهورية والجيش والشعب والحدود، فهو بات «فوق» والجميع «تحت». هو في «المقدمة»، والجميع في المؤخرة. هو على «المنصة» وعلى الجميع التصفيق له. هو «المرشد»، وعلى الجميع الاسترشاد به، هو الآمر، وعلى الجميع الطاعة والخضوع. إنها دعوة «المستكبرين» الذين سَحَرتهم نشوة «السلطة» والاستفراد. إنها دعوة المستأثرين الذين أغرتهم متعة التسلط. والتسلط من أبواب التطرف!

التطرف في العنف

فخطاب السيد نصرالله، هو تأكيد مباشر (ومجازي) لهذا الانفصال بين مفهومي «المغالاة»، المغالاة بالتمسك بالعنف، والشخصانية، والارتهان للخارج، وثقافة «العدم»، والموت، وتدمير قيم الجمهورية، والكيانية، ليقابله «التطرف» الآخر، لا في الاعتدال فحسب، بل الاعتدال من ضمن التطرف، أو التطرف من ضمن الاعتدال: أو «الاعتدال المتطرف» في المقلب الآخر الذي عبّر عنه الرئيس سعد الحريري: نحن مكملون! نعم! قالها، لكن بروح الانتفاضات السلمية، بروح المواجهات السلمية، بروح تبني الجمهورية، والعدالة، والسيادة… كأنما بات هناك «مقاومتان»: واحدة «إلهية» توفّت مرحومة وغير مرحومة في 7 أيار، وفي دمشق وحمص، والقلمون، وحلب، وأخرى شعبية، ميثاقية، ديموقراطية، ما زالت حية بنضارتها عند الجموع (ولا أقول كل القيادات) التي صنعت ثورة الأرز، والربيع العربي. بل كأن عندنا مقاومتين: واحدة «إلهية» انتهت صلاحياتها مشحونة بالتطرف المتعصب، والكانتوني والطحلبي، والمغلق، والإرهابي، وأخرى شعبية، جذورية، تفصل بين التطرف من أجل الحقوق وبين التعصب، والعنصرية، لذا، فهي لصيقة كل أشكال الربيع العربي، بينما يمكن وضع «مقاومة» الحزب في مراتب الظواهر «الإرهابية»، الداعشية، والديكتاتورية. فالتطرف المصنوع من الديكتاتوريات لا يصنع سوى ديكتاتوريات صغيرة. وحزب الله «صاغته» ديكتاتوريتان إيرانية وسورية، فتضاعفت نزعته إلى الاستفراد. وعندما يدين أهل 14 آذار والحريري، والمثقفون (غير المرتزقة) إرهاب «داعش» والنصرة (لتطرفهما)، فلأنهما نقيضان. بينما إدانة الحزب «الإلهي» لهما، كأنما إدانة الشبيه للشبيه، أو المنافس للمنافس. أو القرين للقرين.

إن ما أعلنه الرئيس سعد الحريري في «البيال« تعبير ناجح عن «مصطلحي» التطرف والاعتدال. وهذه «الألمعية» في المقاربة، تفصل بين تاريخين، وزمنين، ومقاومتين، ولبنانين، وجمهوريتين: التطرف من أجل الشر، والقتل، والجهل، والماضوية، والوصايات، والفوضى، والذي تمثله جماعة 8 آذار، والتطرف في التمسك بلبنان كله، مستقلاً، حراً، سلمياً، ديموقراطياً وسيادياً.

خطابان، واحد في البيال، وآخر في «الضاحية». خطابان وخارطتا طريق، مفترقتان، من لبنان، إلى كل الأمة العربية بانتفاضاتها السلمية. أي بتطرفها الإيجابي الفاتح أفقاً جديداً لطالما أغلق بالقوة! إنهما خطابا الحرية والارتهان. خطابا الظلامية والضوء. خطابا ثقافة الحياة وثقافة الموت!