IMLebanon

هل عاد لبنان ليكون ساحة جهاد المنظمات المتطرّفة بعد فترة نقاهة؟ قراءة شاملة للعملية الأمنية «المعقدة» وارتداداتها داخلياً  

 

 

جملة احراجات يعيشها ما تبقى من دولة وسلطة في لبنان يتخبط حكامها شمالا ويمينا «مش عارفين وين الله حاطتن»، كل منهم «فاتح عا حسابو». فالدولة التي قررت نكاية بواشنطن والعرب ان تتجه شرقا، استفاقت خارجيتها على بيان استنكار للعدوان الروسي على أوكرانيا من منطلق نصرة الظالم على المظلوم، في وقت صال وجال وزير داخليتها في بعبدا كالطاووس نافشا ريشه، وبالمناسبة بحقله» بعدما ضرب لواء الأشرفية ضربته هو المطلوب للعدالة التي حاول عـ قلت سيرها معتديا على جهاز شقيق وفقا لقاضية العهد كما اصطلح على تسميتها. اما على الجانب الآخر من النهر، صور «لأصدقاء» الرئيس بوتين ترفع في الضاحية، وعونيون «محنترون» بعدما قلبت الحريرية الأمنية الطاولة والمعادلة فوق رؤوسهم «بليلة ما فيها ضو قمر».

 

فوزير الداخلية الذي «شقي وحفي» لإصلاح ذات البين بين لبنان ودول الخليج، معتمدا على ربه وذراع قوى الامن في معركته ضد المخدرات والكابتاغون،جاءته «شحمة عا فطيرة» ليفش خلقه دفعة واحدة،فقصد «السيار» في الاشرفية ليعلن من هناك محاطا «باللواء» و»العميد» ،ليعلن ما لم يكن في حسبان احد،حيث تؤكد المصادر ان احدا لم يكن على اطلاع بما حصل،الا مجموعة لا يتعدى عدد افرادها عدد اصابع اليد الواحدة، حتى ان المجموعات التي نفذت التوقيفات لم تكن على علم بتفاصيل العملية، الى ان قرر مدير عام قوى الامن الداخلي تفجير قنبلته، مصيبا اكثر من عصفور بحجر واحد، «بضربة معلم».

 

في علم السياسة، ما حصل يندرج في إطار المؤامرات وإثارة الضريبة، وقد يكون ذلك محقاً. أمّا في علم الأمن، فإن ما حصل، يُسجّل في لائحة الإنجازات المشرّفة لفرع المعلومات بكل المقاييس، تخطيطاً وتنفيذاً، وإن جاء في لحظةٍ سياسية حساسة، قادت وزير الداخلية الى بعبدا منتشيا بالانتصار،منتزعا تهنئة «جنرال بعبدا»،الذي طالما راى في فرع المعلومات «جهازه»،دون ان يترك ذلك تأثيره الكبير على ملف استدعاء اللواء عثمان الذي سقط حتّى قبيل اتّباع الأصول القانونية، بمجرد بيان أمن الدولة وإفادة عناصر الدورية.

 

في كل الاحوال، لم يحجب الجانب السياسي الذي تجلّى بشكلٍ واضح شكلاً ومضموناً، في «احتفال الإعلان»،الجانب الامني والعملي من خلال كشف مؤامرة استلزمت عاماً كاملاً لتفكيك مفاصلها، واضعة معها عثمان في مصاف الابطال، رغم انه يستحقها خلافا للآخرين، بانقاذه الضاحية من هجمةٍ تكفيرية حاولت الإستفادة من انسحاب الحريرية من الحياة السنّية لضرب ضربتها، فإذا بها تقع في قبضة «شعبة المعلومات» مسجّلة أهدافها بالجملة بكل اللاعبين والفاعلين والمفعول بهم.

 

وبالعودة الى تداعيات العملية وما رافقها يجب التوقف عند عدد من الملاحظات:

 

– سياسيا،قرار وزير الداخلية بالوقوف في نفس خندق المديرية متسلحاً بالقانون، متخذا قرار مواجهة محاولات إنهاء واسقاط الحريرية بكل أوجهها، مقدما نفسه حاضنا وحاميا ،لاهم انجازات المرحلة السابقة.

 

– على صعيد التنفيذ،كان واضحا تماما،الحرفية والمهنية العالية التي اعتمدت خلال تنفيذ العملية،وهو ما بينته الصور والافلام التي وزعت والتي بينت كيفية استخدام الوسائل التقنية المتطورة لملاحقة افراد الشبكة،من خلال «الدرون»،اضف الى ذلك الجاهزية البشرية للعنصر البشري لشعبة المعلومات،حيث تطلبت العملية صبرا ودهاء سمح باختراق الشبكة وزرع عملاء داخل الخلية،وهو ما يحصل للمرة الثانية.

 

-وبما ان الشيئ بالشيئ يذكر،فقد سبق لمديرية المخابرات،في ما اصطلح على تسميته بعملية «الكوستا»، من تحقيق انجاز مشابه لانجاز المعلومات، بنجاحها يومها باختراق المجموعات الارهابية،دون ان تكشف كامل تفاصيل تلك العملية،التي ما زالت حتى الساعة من الاسرار القومية التي لا يملك تفاصيل حقائقها الا قلة من الاشخاص الذين شاركوا وخططوا للعملية يومها.

 

-في الوقت الذي تتسابق فيه التقارير الأمنية على تحديد منطقة طرابلس ومحيطها اللبناني والفلسطيني كدائرة تفجير وبؤرة إرهابية، ضربت شعبة المعلومات ضربتها جنوباً، معيدةً عين الحلوة وإرهابييه إلى الواجهة.

 

– أتت الخطوة لتؤكد مرة جديدة ان الاجهزة الامنية تعمل من منطلق وطني بعيدا عن الفئوية والمحسوبيات الطائفية، وهو ما لمسه سكان الضاحية لجهة أن أمنهم مضبوط والعين «مفتّحة» على سلامتهم، وإن كلّ الإجراءات المتّخذة كانت سقطت بلحظة لولا التحرك الاستباقي، وهو ما سيطرح بالتأكيد مسألة عودة التشدّد في الإجراءات الأمنية عند مداخل الضاحية، والأهمّ تفعيل التعاون والتنسيق مع أمن «حزب الله» تحسباً من أي مفاجآت.

 

– اكتشاف آلية التفجير الجديدة المُعتمدة عبر ربط الأحزمة الناسفة بقذائف الهاون، ما يُضاعف من حجم الخسائر عشرات المرّات، وهو تغيير واضح في استراتيجية الدولة الإسلامية. أما النقطة الثانية فهي ثبوت وجود رابطٍ تنظيمي بين خلايا في لبنان وقيادات ناشطة في عين الحلوة على تواصل مع أمراء الدولة في سوريا، والأهمّ أن العملية كانت ثأراً لمقتل الخليفة في سورية على يد الأميركيين، فيما المُستهدف بالردّ شيعة لبنان؟ فما هي هذه الصدفة الغريبة؟ والأهمّ ماذا عن استراتيجية «داعش» الجديدة؟

 

معادلة جديدة أدخلها وزير الداخلية إلى القاموس القانوني اللبناني، ليكتمل بذلك «النقل بالزعرور»، هو العالم بالقانون»المغيطة» وزواريبه، في جمهورية الموز اللبنانية،حيث «الشتي والصيف تحت سقف واحد» موسمه مزدهر.