IMLebanon

الكوفية الفلسطينية (والكساد السياسي الكبير )

 

العنف البشري هو المانع الطبيعي في تحقيق ابسط بديهيات الوجود الانساني وتكوين المجتمعات الامنة والمستقرة، والعنف البشري هو عملية اعتراضية دائمة لكل حركات التطور والتقدم، والعنف البشري هو احد مظاهر الفشل النخبوي في ابتكار سياسات قادرة على مواجهة التحديات الوجودية المعرفية والاجتماعية والاقتصادية، والعنف البشري هو تراث اصيل لدى كل الشعوب والاعراق والاجناس والقارات والدول والاديان واللغات منذ ان كان الانسان، والعنف البشري هو تعبير واضح عن انعدام ادوات السلام والانتظام العام.

 

الانتخابات المبكرة التي تشهدها بعض الدول الاوربية، انما هي نتيجة تعاظم العنف السياسي والديني والعنف المسلح مع الحرب الروسية الاوكرانية وتأثيرها الديموغرافية والاقتصادية المباشرة على المجتمعات الاوروبية، والتي اعادت الى الاذهان تداعيات الكساد الاقتصادي الكبير والذي ادى الى صعود اليمين الديني النازي والفاشي، وانتشار العنف المسلح وتجرع اوروبا ويلات ومرارات الحرب العالمية الثانية، والعنف المسلح الذي تشهده المنطقة في فلسطين ولبنان واليمن والسودان ووو انما هو نتيجة الكساد السياسي العالمي والاقليمي والوطني، وعدم القدرة على بلورة سياسات استشرافية متوازنة تنهي معاناة الشعب الفلسطيني الطويلة مع اللجوء والاحتلال، وجاءت الانتخابات الاوروبية بمثابة انذار مبكر لضرورة التوجه الى صناديق الاستشفاء السياسي الانتخابية من اجل تجديد النظام الديمقراطي وعملية تداول السلطة، والفائز الوحيد في الانتخابات الفرنسية والبريطانية هو عودة الخصوبة السياسية التجديدية  الى المجتمعات الاوروبية في مواجهة العنف البشري والكساد السياسي الكبير .

 

الكساد السياسي الاميركي ادى الى ظاهرة العنف السياسي الذي شهدته اميركا باقتحام مقر الكونغرس في محاولة لمنع التصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية في ٦ كانون الثاني ٢٠٢١، وتأتي المقابلة الاعلامية المبكرة أيضاً بين مرشحي الرئاسة الاميركية الرئيس بايدن والرئيس السابق ترامب لتؤكد على هواجس تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية والحرب في غزة على المجتمعات العالمية وتأثيراتها الاجتماعية والاقتصادية على قواعد الاستقرار والانتظام الاميركي، و ما شاهدناه في نيويورك يوم الخميس ٤ تموز من مظاهرات ترفض الاحتفال بعيد الاستقلال تضامنا مع الشعب الفلسطيني ويرتدون الكوفية الفلسطينية مما يؤكد على التحولات العميقة في المكونات الانتخابات الغربية، حيث اصبحت الكوفية الفلسطينية ناخبا اساسيا في الانتخابات الاميركية والفرنسية والبريطانية وذلك بعد تسعة اشهر من المظاهرات الرافضة للعنف السياسي والعسكري من اليمين الديني، مما جعل من الاعتراف بالدولة الفلسطينية سياسة عالمية تجديدية في مواجهة الكساد السياسي الكبير .

 

الكساد الاقتصادي الكبير (١٩٢٩ -١٩٣٩) ادى الى تعاظم مظاهر العنف السياسي وتمكين احزاب اليمين الديني من اشعال الحرب العالمية الثانية، والكساد السياسي الكبير الجديد الذي يشهده العالم ادى الى الحرب الروسية الاوكرانية في ٢٤ شباط ٢٠٢٢ والتي تحولت الى حرب عالمية ثالثة،  وكذلك الحرب في غزة والمنطقة منذ ٧ تشرين الاول ٢٠٢٣ بما هي نتيجة صعود اليمين الديني المتطرف انعدام وجود نخب قادرة على التحديث السياسي والمجتمعي، مما ادى الى جعل الكوفية الفلسطينية اداة ديموقراطية غربية في مواجهة تعاظم مظاهر العنف البشري والكساد السياسي الكبير .