IMLebanon

عين إسرائيل على حزب الله فهل ينفجر الوضع؟

لولا الغارة الاسرائيلية على منطقة القلمون والتي استهدفت مواقع لحزب الله والجيش السوري، لا يمكن القول ان جلسات مقاصة نهاية الاسبوع في البورصة اللبنانية ـ الاسرائيلية كانت اقفلت على تهديدات دورية اعتادت الاوساط السياسية والشعبية على سماعها، ليس آخرها تلك الصادرة عن قائد سلاح الجو الاسرائيلي، الذي هدد بإلحاق دمار واسع في لبنان في حال استدراج حزب الله اسرائيل الى اي رد، فيما يبدو ان الانشغال بالاحداث الكبيرة التي تشهدها المنطقة من اليمن الى لبنان، لم تنس تل ابيب هاجس الجبهة اللبنانية، رغم القلق المتصاعد من اعلان روسيا عزمها تنفيذ عقود بيع منظومة صواريخ اس 300 لطهران، وكشف الاخيرة عن انتاجها لواحدة شبيهة.

فالتقارير الاعلامية الاسرائيلية، كما التصريحات الصادرة عن المستويين السياسي والعسكري، تظهر بوضوح ان الجيش الاسرائيلي يركز تدريباته على مختلف سيناريوهات الحرب على الجبهة الشمالية، مع «حزب الله» في الدرجة الاولى بعد تكثيف وجوده على مثلث الحدود اللبنانية ـ الاسرائيلية – السورية، بعد اعادة تفعيل برامج التدريب والمناورات على خلفية حل الخلاف حول الموازنة.

غير ان خطورة الحزب، بحسب تقديرات رئاسة الاركان الاسرائيلية، ازدادت في ظل الجهود الكبيرة التي يبذلها في الآونة الأخيرة في منطقة المثلث الحدودي، التي أعلنها مؤخراً امينه العام بمثابة البوابة إلى لبنان، وهو ما دفع اسرائيل الى اتخاذ قرار تنفيذ هجوم القنيطرة، في رسالة واضحة الى من يعنيهم الامر، مرفقة بتحذير دبلوماسي نقلته موسكو الى دمشق حول مجريات العمليات العسكرية على الجبهة الجنوبية امتدادا نحو القنيطرة من جهة وباتجاه الحدود اللبنانية في منطقة القلمون، من جهة اخرى.

في هذا السياق يكشف المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس» عاموس هرئيل إنه بعد بلورة اتفاق الإطار في لوزان بين إيران والغرب حول «كبح» برنامجها النووي، برزت في التعليقات الإسرائيلية التحذيرات من خطر استمرار نقل السلاح الايراني الى «حزب الله»، الأمر الذي دفع وزير الدفاع موشيه يعلون الى اتهام إيران بذلك، على هامش زيارته التفقدية للجيش الإسرائيلي في هضبة الجولان منذ ايام. تحذير تبنته رسالة لوزارة الخارجية الإسرائيلية، جاء فيها أن تسليح «حزب الله» هو المسألة الأكثر إلحاحا وحرجا بالنسبة لتل أبيب.

ويشير هرئيل الى أن مسارا جديدا بدأ يلوح رغم التحذير المستمر للقيادة الاسرائيلية من السلاح النووي الايراني، فتقدم المحادثات النووية خفّض الى الحد الادنى احتمال هجوم عسكري أحادي الجانب من اسرائيل ضد المواقع النووية، ليعود تهديد صواريخ حزب الله ويحتل مكانته بصفته التحدي الأمني الأول بالنسبة للدولة العبرية.

فقد تركزت التحذيرات الاسرائيلية خلال السنوات الاربع الاخيرة، كلها على عمليات نقل السلاح الذي يعد كاسرا للتوازن الاستراتيجي ومعادلات الردع القائمة، كصواريخ الفاتح 110 الايراني الصنع او مثيله السوري M600، المختلفان عن بقية الصواريخ المعهودة بحوزة حزب الله أن الجيلين الثالث والرابع منه يعملان بواسطة الوقود الصلب، ما يعني انه يتميز بسرعة كبيرة قياسا الى الصواريخ السابقة، وبالتالي سيشكل هذا الامر تحديا للقبة الفولاذية وباقي طبقات الدفاع الجوي الاسرائيلي، نظرا لاقتراب الصاروخ من كسر حاجز السرعة الذي تعمل بموجبه الدفاعات الجوية الاسرائيلية، والتي تشكل قلقا فاق ذلك المتعلق بكميات الصواريخ. فوفق التقديرات الاستخباري الاسرائيلية، يملك حزب الله اليوم أكثر من مئة الف صاروخ وقذيفة، أي ما يوازي سبعة أضعاف ما كان بحوزته عشية حرب لبنان الثانية تموز 2006. ترسانة كمية تتأتى اهميتها فيما لفت إليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أكثر من مرة في محاولته اثبات معادلة توازن الرعب، بتاكيده انه اذا ضربت اسرائيل البنى التحتية المدنية للبنان، فإن حزب الله سيوجّه ضربات مشابهة للموانئ والمطارات ومحطات توليد الطاقة الاسرائيلية. تهديد لا يحتاج حزب الله فقط الى مدى الصواريخ لتنفيذه، بل للكمية، اذ بحسب كل التقديرات الاستخبارية، لديه صواريخ تغطي كل «أراضي اسرائيل»، إضافة الى قدرة ودقة في الاصابة.

ويكفي في هذا المجال الركون الى تقديرات الجبهة الداخلية الاسرائيلية التي تتحدث منذ اكثر من سنتين على أنه سيكون بمقدور حزب الله اطلاق ألف صاروخ يوميا في أي حرب مقبلة، من بينها مائة صاروخ على تل أبيب وحدها، في حين تقدر شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش أن المنطقة الأهم وسط اسرائيل «غوش دان» تقع ضمن مدى 5 آلاف صاروخ نوعي لحزب الله، من دون تحديد نوعها.

ويرى المعلق العسكري في «هآرتس» أنه «اذا ما حصل اتهام واضح لإسرائيل»من جانب سوريا وحزب الله، كما حصل في بعض الهجمات التي نسبت إليها في الماضي، فهل ثمة خطر بعملية رد من جانبهم؟ إن قواعد اللعب بين الطرفين ليست واضحة دوما. وسواء نفذت «اسرائيل» الهجمات على قافلة أسلحة كما ذكر في وسائل الاعلام العربية أم لا، فمنطقي الافتراض بأن الجيش الاسرائيلي سيبقى في حالة تأهب عالية في الشمال في الفترة القريبة القادمة في ضوء خطر الرد من حزب الله».

في زيارة العمل الاولى لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي ايزنكوت مع القيادات العسكرية لمقر فرقة غزة،كشف الاعلام الاسرائيلي جانبا من المداولات، حيث وجه ايزنكوت أسئلته إلى الضباط الإسرائيليين في المنطقة الجنوبية، متعمقا كثيراً إلى حدود البحث في تفاصيل صغيرة جداً، حول المواجهة الممكنة ضد قطاع غزة، مؤكدا للضباط أن التهديد الأساسي لإسرائيل موجود في الواقع على الحدود الشمالية مع لبنان وسوريا، وتحديداً في مواجهة حزب الله، رغم أن الجبهة الأكثر قرباً للانفجار تبقى الجبهة الجنوبية مع غزة.