ما يجري في عاصمة الشمال، «الفيحاء»، من تطورات هذه الأيام، يدمي القلب، ويحرق العينين… مؤلم ويكاد يكون «محبطاً» في بعض جوانبه…
فطرابلس، هذه المدينة، التي امتازت على مدى التاريخ، بأنّها «مدينة العلم والعلماء»، ومقصد كل طالب علم ومعرفة وأمن واستقرار وأمان، وهناءة عيش، من غير تمييز بين طائفة وأخرى، ومذهب وآخر، ولم تتخلف يوماً عن واجب وطني، تدفع اليوم، من دم أبنائها، ومن جنى أعمارهم، ومن بناها التحتية ومن سمعتها، ثمن تطورات ليست مسؤولة عنها، وزجّت فيها عن غير إرادة الغالبية الساحقة من أبنائها، حيث أراد حفنة من المسلحين أن يتمترسوا وراء هذه المدينة العصية على الإستسلام والخضوع لغير مشيئة الله، ولغير شرعية الدولة العادلة والمنصفة والقادرة…
أطال الله في عمر الرئيس سعد الحريري الذي أكد على «إسلام الإعتدال»، لا «إسلام» هؤلاء المتطرفين، الذين يريدون إعادتنا الى العصر الجاهلي، بل العصر الحجري..
وأعان الله جيش لبنان، الذي بدم رجالاته يضحّي، ليبقى لبنان، كما عرفناه، منارة عِلم ومعرفة وانفتاح ورُقيّ وتقدم.. ولتبقى الدولة وليبقى لنا لبنان واحة حرية وكرامة وعز وأمن وأمان…
نحن ندرك حراجة الوضع والموقف، وكم كنا نتمنى لو أديرت العملية بشيء من الهدوء أكثر، إذ لا حاجة لاستعمال «القوة المفرطة..» ونحن نشهد الأهالي، رجالاً ونساءً وأطفالاً وعجزة كيف هي حالهم؟! وكيف صارت أوضاعهم البائسة..
ليس من شك في أنّ المسؤولية الأولى في هذا تقع على أولئك الخارجين على القانون…الذين لم يقيموا اعتباراً لحقوق الناس، وحياتهم وأمنهم ومصالحهم وتطلعاتهم… وهنا لا بد من تذكير كل هؤلاء بأن «ما بني على باطل فهو باطل»، وما بُني على شيء غير طبيعي فلن تكتب له الحياة… ولنتذكر فقط السيرة الفلسطينية في لبنان، من العام 70 الى العام 82، والسيرة السورية من العام 75 الى العام 2005، ومصير الاحتلال الاسرائيلي في العام 82 وكيف انتهى في العام ألفين… وكلها دروس ومعطيات لمن شاء أن يتفكر ويعقل.
نعود ونكرر، انّ كل أمر غير طبيعي سيكون هجيناً ولن تكتب له الحياة، وستكون نهايته عاجلاً أم آجلاً…
وللذي يحمل «لواء الإسلام» من هؤلاء المدّعين نقول له: «ما هكذا تورد الإبل..» فالإسلام عدل ورحمة ومحبّة وانفتاح، وأمن وأمان وقبول الآخر، ومسامحة… هو نور وهدى… فلا عنف ولا إكراه ولا غلو… وليس الإسلام كما يقدّمه لنا هؤلاء… فإذا أريد إحياء «الدولة الإسلامية» فلنعد الى الأصل، الى الجوهر، الى التاريخ، ولنتعلم من دروسه وعِـبَره لندرك كم أنّ «هؤلاء الغيارى» يدمرون الإسلام ويقدّمون خدمة لا تقدّر بثمن الى كل أعدائه… ولنكن على يقين بأنّ هؤلاء لن تكتب لهم حياة؟!.