Site icon IMLebanon

«عيون» دَولية تراقب جرود عرسال قبل لبنان

كشفت مصادر ديبلوماسية واسعة الإطلاع أنّ ما يجري في جرود عرسال ومحيطها القلموني وُضعَ تحت مجهر عيون دَولية لا تطالها العيون اللبنانية، دليلاً على أنّ المظلة الدولية التي تحمي لبنان في هذه المرحلة ما زالت قائمة. وهي الضمانة الأولى والأخيرة للحدّ الأدنى من الإستقرار السياسي والأمني في البلاد. فما الذي تعنيه هذه المعادلة؟

لا تخفي المراجع الدبلوماسية ما جنّد له بعض القوى العظمى من أجهزة رصد ومراقبة لكلّ ما يجري على الأراضي السورية ولا سيما تلك التي تؤثر في مجرى الصراع القائم فيها وعليها.

ومن هذه المناطق الساخنة المرصودة تلك الواقعة على تخوم الحدود اللبنانية – السورية من جرود عرسال الى عمق القلمون السوري وهي ترصد بدقة متناهية حجمَ العمليات العسكرية والمتغيرات التي أحدثتها بشكل دقيق منعاً لتجاوز ما يمكن اعتباره الخطوط الحمر التي رُسمت بدقة والتي لم يتجاوزها أحد الى اليوم.

يدرك العارفون أنّ موجة التشكيك التي تعصف بالحلف الدولي الذي أُعلن في 11 ايلول الماضي من جدة ما زالت قائمة رغم عمليات الترميم التي شهدتها العلاقات التركية – القطرية – السعودية بُعيد إطلاق عملية «عاصفة الحزم» في اليمن. والتي قادت آلية جديدة تعزز اوضاع القوى السورية المعارضة التي تُسمّى بـ «المعتدلة» على حساب القوى الأخرى من «داعش» ومثيلاتها.

ولا يخفى على أحد ما انتجته عملية الترميم هذه حتى اليوم، وخصوصاً منذ أن تغيّرت خريطة المواقع في محافظات ادلب والبادية السورية وصولاًَ الى الحسكة وجنوب دمشق والتي عزّزت الحصار على النظام فأقفلت جميع النقاط الحدودية مع جيرانه في الأردن جنوباً والعراق شرقاً وتركيا شمالاً وأبقت الحدود اللبنانية المتنفّس الوحيد له.

على هذه الخلفيات تتوقع المراجع الدبلوماسية تبدلات سريعة في خريطة المواقع في ضوء استمرار المساعي لتعزيز العلاقات بين أطراف الحلف ترجمة لمقررات مؤتمر الحلف الأطلسي الذي عقد في «أنطاليا» في تركيا في 15 أيار الماضي، وصولاً الى لقاء باريس الأسبوع الماضي الذي رسم الخطوط العريضة التي تقود الى مستقبل المواجهة المفتوحة مع «داعش» والنظام معاً.

وعليه فقد كشفت المصادر أنّ منطقة القلمون السورية كانت وما زالت على لائحة المناطق المرصودة دَولياً بكلّ تفاصيلها، الأمر الذي فرض رقابة مشدَّدة على العمليات العسكرية التي قادها حزب الله منذ اسبوعين تقريباً الى أن وصلت الأمور الى جرود فليطا وعرسال الأمر الذي بات يعني أمن لبنان من بوابة جرود عرسال امتداداً الى جرود الفاكهة ورأس بعلبك حيث تتمركز وحدات الجيش اللبناني المكلَفة حماية الأراضي اللبنانية.

ومن هذه الخلفية تسعى القوى الدولية الى التأكيد مرة أخرى أنّ كلّ ما يجري على الأراضي السورية يجب أن لا ينعكس على الداخل اللبناني في مرحلة هي الأخطر وسط المخاوف الدولية من أن يقود الى خطوط تماس ثابتة بين القوى المتصارعة في ما بينها، وهو امر له حساباته الدقيقة لدى القوى الدولية التي ضمنت الى اليوم إبعاد شبح الفتنة السورية عن لبنان.

على هذه القاعدة رفعت الدبلوماسية الدولية من تحرّكاتها على الساحة اللبنانية لمراقبة التطوّرات والنصح والتحذير معاً، في رسالة واضحة الى مَن يعنيه الأمر بأنّ سعي أيّ فريق الى نقل الحرب الى الداخل اللبناني له محاذيره وهو أمر مرفوض بكلّ المعايير السياسية والدبلوماسية.

ولذلك ترصد المراجع الدولية حركة مقاتلي حزب الله من تلة الى تلة وحركة القوى التي تطاردها وفق مسارات طبيعية ومعابر محدَّدة ومحدودة ترسمها جغرافية المنطقة وتضاريسها الجبلية.

وهذا ما قاد الى التقليل من الحديث عن دخول المسلّحين الى عرسال. فالجرود الواقعة شرق منطقة المعارك لا تزال تتسع للمزيد منهم وإنّ قاصدي عرسال قلائل على رغم الضجيج الإعلامي الذي يهدف الى تهيئة الأرض لقرارات سياسية لم يتجاهلها مجلس الوزراء وأبقاها في نطاق المهمة الموكلة الى الجيش على رغم ما رافقها من ترغيب وترهيب.

وعليه، لا تقلّل المراجع الدبلوماسية من احتمال بروز مبادرات تُطبخ على نار هادئة لتوفير معركة في عرسال ومعها المخرج الممكن لملف العسكريين المخطوفين ويمكن أن تؤدّي الى سحب المسلّحين عبر معابر آمنة ما زالت موجودة الى مناطق أخرى قد تكون في الشمال السوري أو أيّ منطقة أخرى، لكنّ البحث فيها يحتاج الى نارٍ حامية لم تتّقد أو تتوهّج بعد، ما يعني أنّ ما هو آتٍ أصعب مما حصل الى اليوم. فلننتظر.