IMLebanon

تصويب مسار العلاقات الدبلوماسية بين لبنان والمملكة يعزز مناخات الثقة ويعكس إرادة صادقة بتحصينها

 

 

الوزير باسيل يتسلم من السفير اليعقوب نسخة عن اوراق اعتماده (تصوير: جمال الشمعة)

 

خطوة إعادة تصويب مسار العلاقات الدبلوماسية اللبنانية السعودية، وطي صفحة التأزم التي عصفت بين لبنان والمملكة العربية السعودية، أمران إيجابيان من شأنهما أن يفتحا الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون بين بيروت والرياض وعواصم دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يُتوقع أن يقدم اليوم سفير خادم الحرمين الشريفين وليد اليعقوب أوراق اعتماده إلى رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا، بعد أن قدم أمس، نسخة عنها إلى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في قصر بسترس، بعد طول انتظار، فيما بدا رداً على تأخر المملكة في قبول اعتماد أوراق السفير اللبناني المعين لديها فوزي كبارة.

ويأتي قرار تسلم أوراق اعتماد السفيرين، ليعيد الأمور إلى نصابها ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من علاقات البلدين الشقيقين، تزيل معها ذيول المرحلة السابقة التي شهدت تراجعاً أساء إلى هذه العلاقات، قبل استقالة الرئيس سعد الحريري وما رافقها من تشنج، ما زالت تداعياته تفرض نفسها على واقع علاقات البلدين، في وقت يؤمل أن يساهم وجود سفيرين أصيلين للمملكة ولبنان في بيروت والرياض، بإعادة ضخ دماء جديدة في عروق علاقاتهما التاريخية، لما فيه إعادة الأمور إلى نصابها الكامل، في ظل حرص حكومة الرئيس الحريري على التمسك بسياسة النأي بالنفس وعدم التدخل في الشؤون العربية، بعدما سبق لممارسات «حزب الله» تجاه المملكة وقيادتها، أن دفعت الرياض إلى اتخاذ موقف سلبي من لبنان وحمّلته مسؤولية ما يقوم به أحد الممثلين في الحكومة، ما تسبب بأزمة دبلوماسية بين البلدين، كان يمكن لو لم يتم تداركها، أن تطيح معها مصالح ما يقارب من مئتين وخمسين ألف لبناني يعملون في السعودية، إلى جانب ثلاثمائة وخمسين ألفاً آخرين يعملون في دول مجلس التعاون الأخرى.

وهذا الانفراج في مسار العلاقات اللبنانية السعودية، ما كان ليحصل، لولا الجهود التي بذلها الرئيس الحريري الذي يحرص على أفضل العلاقات بين لبنان والسعودية والدول الخليجية، كونه يدرك أن بلده سيكون المتضرر الوحيد من أي تراجع في مستوى هذه العلاقات، ولذلك كان دائماً يعمل على حمايتها وتنقيتها من كل الشوائب، وهو الذي كان أول المحذرين من المسار الذي انتهجه «حزب الله» ضد المملكة والدول الخليجية، فقدم استقالته ولم يعد عنها، إلا بعد القرار الذي اتخذته الحكومة اللبنانية وبالإجماع على التزام سياسة النأي بالنفس وعدم التدخل في شؤون الدول العربية، وتالياً وقف الحملات ضد المملكة وقادتها، باعتباره أسلوباً مرفوضاً ولا يخدم مصلحة لبنان بشيء.

وقد أعربت مصادر نيابية بارزة لـ«اللواء»، عن ارتياحها للتطور الإيجابي الهام الذي تمثل في عودة التبادل الدبلوماسي بين بيروت والرياض على مستوى سفير، وهو أمر يعزز مناخات الثقة أكثر فأكثر، ويؤكد إرادة البلدين الصادقة على تفعيل علاقاتهما وتحسينها، نظراً إلى الروابط الوطيدة التي تجمع الشعبين الشقيقين، منذ عشرات السنين.

ولم تستبعد الأوساط أن يلي عودة التبادل الدبلوماسي على أعلى مستوى بين لبنان والسعودية، قيام الرئيس الحريري بجولة خليجية في المرحلة المقبلة، تبدأ من الرياض بهدف العمل على تزخيم مسار العلاقات الثنائية على المستوى اللبناني الخليجي، والتأكيد على حرص العهد الجديد على كل ما يعمق أواصر هذه العلاقات ويجسدها على مختلف المستويات، لأنه لا يمكن للبنان أن يعيش دون أشقائه الخليجيين، وهو ما أثبتته التجارب الماضية التي دلت على أن دول مجلس التعاون تشكل رافعة اقتصادية هامة للبنان لا يمكن الاستغناء عنها، من خلال التحويلات المالية الكبيرة للبنانيين الذين يعملون في هذه الدول، وما تساهم به في تحسين أداء الاقتصاد اللبناني الذي هو أحوج ما يكون لبقاء هذه الرافعة تعمل بأقصى طاقاتها.