Site icon IMLebanon

“تاء التأنيث… تاء الثورة”: النساء في صيدا مُلهمات الرجال

 

 

“تاء التأنيث… تاء الثورة”، جملة مقتضبة تختصر الدور المحوري والبارز الذي لعبته النساء في صيدا، في رفد الحراك الاحتجاجي الذي شهده لبنان، الى جانب الرجال وطلاب الجامعات والمدارس، فحضرت “نون النسوة” بقوة في “الاعتصام المفتوح” الذي أقيم عند تقاطع “ايليا”، على مدى أربعة عشر يوماً، وهي ما زالت تواصله في حديقة “الناتوت” المجاورة بعد إعادة فتح الطريق منذ أيام.

 

الدور “النسائي الصيداوي”، جاء ليكمل صورة الحراك الشعبي الذي كسر مشهد الطائفية ولغة المذهبية وإلغاء الحواجز المناطقية، وليوحد اللبنانيين على وجع واحد، بعدما تحوّلت النساء الى “ثائرات” في الميدان والساحات العامة و”ملهمات الرجال” في خوض المعترك، تاركات بصمات نضالية إضافية في تاريخ الحركة النسائية اللبنانية.

 

في “الاعتصام المفتوح”، لم يقتصر دور المرأة على المشاركة في التحركات الاحتجاجية، من اعتصامات يومية، وتظاهرات وخطابات فقط، بل تجاوزه الى إعداد الطعام والشراب، وتنظيم حلقات الحوار والنقاش، والمساهمة في قطع الطرقات، والوقوف دروعاً بشرية خلال أي احتكاك مع القوى الأمنية، وصولاً الى ابتكار الشعارات وأدبيات الهتافات وتنسيق النشاطات.

 

وتقول رئيسة “اللجنة النسائية” لـ “جمعية بقسطا للتنمية الاجتماعية”، رشا ستيتيه حجازي لـ “نداء الوطن”: “إن دور النساء في الحراك المطلبي كان بارزاً الى جانب الرجال والشباب والطلاب، كونهنّ أمهات وزوجات ومعلمات ومربيات الاجيال”، قبل أن تضيف: “أهم ما في هذا الحراك أنه كسر الصورة النمطية عن النساء اللبنانيات، بأن اهتمامهنّ بالجمال و”البرستيج” فقط، بل هن “ثائرات” و”قائدات في نضال” ومحاربة الظلم من اجل لقمة العيش الكريم وكرامة الوطن”.

 

بينما تعتبر المربية حصن بربر لـ “نداء الوطن”، أنه عبر العصور والغزوات، كانت للمرأة اليد الطولى في تحقيق انتصاراتها، ليس فقط في الكلمة، بل في الدعم الميداني والمعنوي، فهي مَن تحرك “البوصلة” في المجتمع العربي، وهي الأم التي تلد القائد الذي يثور على الأرض وينتصر. وفي صيدا كان هذا الدور لافتاً في تكاتف “نون النسوة” معاً، ومع الرجال ومختلف شرائح المجتمع”.

 

ولم يقتصر دور المرأة في “الاعتصام المفتوح”، على الشأن العام وعلى المطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة، إذ برزت نساء رفعن الصوت من أجل رفع الظلم عن قضايا بعينها، وفق ما تقول جيهان يوسف كسرواني لـ نداء الوطن”، التي رفعت شعار “جنسيتي كرامتي” للدفاع عن حق المرأة في منح أولادها الجنسية اللبنانية كما هو معمول به في مختلف دول العالم. قبل أن تضيف “إن مطلبنا من الدولة واضح، مثلما يحق للرجل منح زوجته جنسيته، نطالب أن يكون من حقنا منح اولادنا الجنسية كذلك، فالمرأة التي تنتخب وتصبح نائبة ووزيرة وهي “نصف المجتمع”، لماذا ستبقى محرومة من هذا الحق الطبيعي، ولماذا يحق لوزير الخارجية جبران باسيل دعوة المغتربين للحصول على الجنسية وهم ليسوا بحاجة اليها، ولا يحق لنا هذا؟؟”.

 

بينما تؤكد ممثلة مجموعة “تصدّقوا ولو بتمرة” هناء السبع أعين لـ “نداء الوطن”، أن دور المرأة كان فاعلاً في صيدا، ويداً بيد مع الرجال، نعمل سوية على أرض الميدان، وقد جرى تقسيم الادوار بمبادرات فردية، البعض تولّين مهمة المرابطة في ساحة الاعتصام، والبعض الآخر إعداد الطعام والشراب قدر المستطاع، والبعض الثالث إدارة النقاش والحوارات، وذلك استكمالاً لدورنا في البحث عن العائلات المتعففة وتقديم يد العون لهم.

 

لا قطع طرقات

 

ميدانياً، ساد الهدوء صيدا في اليوم الخامس عشر على الحراك الاحتجاجي، ولم تشهد المدينة أي عملية لإقفال الشوارع، فيما استمر الاعتصام المفتوح في حديقة “الناتوت” عند تقاطع “ايليا” من دون اقفال الطريق، وسط اجراءات أمنية للجيش اللبناني. وميز هذا اليوم معاودة المصارف فتح أبوابها بعد أسبوعين تقريباً من الاقفال، حيث تهافت الزبائن وأصحاب الودائع الى مصارفهم لسحب ودائعهم أو لتحويلها الى الدولار أو الى الخارج وغير ذلك. وأدى هذا التهافت الى طابور من عشرات المواطنين داخل المصارف وخارجها وتسبب بازدحام شديد في أروقتها وذلك خشية على ودائعهم من انهيار الليرة اللبنانية وخوفهم من الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان.

 

وبعد صلاة الجمعة، نظم عشرات المحتجين عند تقاطع “ايليا” في صيدا، مسيرة انطلقت من حديقة “الناتوت”، وجابت شوارع المدينة، مروراً بساحة “النجمة” وشارع رياض الصلح الرئيسي، مردّدين هتافات تدعو الى إسقاط النظام الطائفي، مؤكدين مواصلة تحركهم حتى تحقيق كافة المطالب، وذلك وسط إجراءات أمنية اتّخذها الجيش اللبناني ومخابراته وعناصر من قوى الامن الداخلي.

 

وكانت المدينة قد شهدت ليل الخميس سلسلة تحركات احتجاجية رفضاً لخطاب رئيس الجمهورية ميشال عون، حيث نظم المحتجون ايضاً مسيرة جالت شوارع المدينة، معتبرين أن خطاب الرئيس عون لا يلبّي مطالبهم المحقة.